Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 25-25)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ } : العاملُ في " يومَ " : إمَّا اذْكُرْ ، وإمَّا : ينفردُ اللهُ بالمُلْك يومَ تَشَقَّقُ ، لدلالة قوله : { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [ الفرقان : 26 ] عليه . وقرأ الكوفيون وأبو عمرو هنا وفي ق " تَشَقَّق " بالتخفيف . والباقون بالتشديدِ . وهما واضحتان . حَذَفَ الأَوَّلون تاءَ المضارعةِ ، أو تاءَ التَّفَعُّلِ ، على خلافٍ في ذلك . والباقون أَدْغموا تاء التَفَعُّل في الشين لِما بينهما من المقاربَةِ ، وهما " كَتَظَاهَرون وتَظَّاهرون " حَذْفاً وإدغاماً . وقد مَضَىٰ في البقرة . قوله : { بِٱلْغَمَامِ } في هذه الباء ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : على السببيَّة أي : بسببِ الغَمام ، يعني بسببِ طُلوعِه منها . ونحو { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [ المزمل : 18 ] كأنَّه الذي تَنْشَقُّ به السماءُ . الثاني : أنها للحالِ أي : ملتبسَةً بالغَمام . الثالث : أنها بمعنىٰ عَنْ أي : عن الغمامِ كقوله : { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ } [ ق : 44 ] . قوله : { وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ } فيها اثنتا عشرة قراءة : ثِنْتان في المتواتِر ، وعشرٌ في الشاذ . فقرأ ابن كثير من السبعة " ونُنْزِلُ " بنونِ مضمومةٍ ثم أُخْرى ساكنةٍ وزايٍ خفيفةٍ مكسورةٍ مضارعَ " أَنْزَلَ " ، و " الملائكةَ بالنصبِ مفعولٌ به . وكان من حَقِّ المصدرِ أَنْ يجيءَ بعد هذه القراءةِ على إنْزال . قال أبو علي : " لَمَّا كان أَنْزَل ونَزَّل يَجْريان مَجْرىً واحِداً ، أَجْرىٰ مصدرَ أحدِهما على مصدرِ الآخر : وأنشدَ : @ 3482ـ وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ @@ لأنَّ تَطَوَّيْتُ وانْطَوَيْتُ بمعنىً " . قلت : ومثلُه { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } [ المزمل : 8 ] أي : تَبَتُّلاً . وقرأ الباقون من السبعةِ " ونُزِّل " بضمِّ النون وكسرِ الزاي المشدَّدةِ وفتحِ اللامِ ، ماضياً مبنياً للمفعول . " الملائكةُ " بالرفعِ لقيامةِ مقامَ الفاعلِ . وهي موافقةٌ لمصدرِها . وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء " ونَزَّلَ " بالتشديد ماضياً مبنياً للفاعلِ ، وهو الله تعالىٰ ، " الملائكةَ " مفعولٌ به . وعنه أيضاً " وأَنْزَل " مبنياً للفاعلِ عَدَّاه بالتضعيفِ مرةً ، وبالهمزة أخرى . والاعتذارُ عن مجيء مصدرِه على التفعيلِ كالاعتذارِ عن ابنِ كثير . وعنه أيضاً " وأُنْزِل " مبنياً للمفعولِ . وقرأ هارون عن أبي عمرٍو " وتُنَزِّل الملائكةُ " بالتاء من فوق وتشديدِ الزايِ ورفعِ اللام مضارعاً مبنياً للفاعل ، " الملائكةُ " بالرفعِ ، مضارعَ نَزَّل بالتشديد ، وعلى هذه القراءةِ فالمفعولُ محذوفٌ أي : وتُنَزِّل الملائكةُ ما أُمِرَتْ أَنْ تُنَزِّلَه . وقرأ الخَفَّاف عنه ، وجناح بن حبيش " ونَزَل " مخففاً مبنياً للفاعلِ " الملائكةُ " بالرفع . وخارجة عن أبي عمرٍو أيضاً وأبو معاذ " ونُزِّلُ " بضم النون وتشديدِ الزاي ونصب " الملائكةَ " . والأصل : ونُنَزِّلُ بنونين حُذِفَتْ إحداهما . وقرأ أبو عمرٍو وابنُ كثير في روايةٍ عنهما بهذا الأصلِ " ونُنَزِّل " بنونين وتشديدِ الزايِ . وقرأ أُبَيُّ و " نُزِّلَتْ " بالتشديدِ مبنياً للمفعولِ . و " تَنَزَّلَتْ " بزيادةِ تاءٍ في أولهِ ، وتاءِ التأنيث فيهما . وقرأ أبو عمرٍو في طريقةِ الخَفَّاف عنه " ونُزِلَ " بضمِّ النون وكسرِ الزايِ خفيفةَ مبنياً للمفعول ، قال صاحب اللوامح : " فإنْ صَحَّتِ القراءةُ فإنَّه حُذِفَ منها المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامَه ، تقديره : ونُزِل نزولُ الملائكةِ ، فحُذِفَ النزولُ ، ونُقِل إعرابُه إلى الملائكة . بمعنى : نُزِل نازلُ الملائكةِ ؛ لأنَّ المصدرَ يجيءُ بمعنى الاسمِ . وهذا ممَّا يجيءُّ على مذهب سيبويهِ / في ترتيب بناءِ اللازمِ للمفعولِ به ؛ لأنَّ الفعلَ يَدُلُّ على مصدره " ، قلت : وهذا تَمَحُّلٌ كثيرٌ دَعَتْ إليه ضرورةُ الصناعةِ ، وقال ابن جني : " وهذا غيرُ معروفٍ ؛ لأنَّ نَزَلَ لا يَتَعَدَّىٰ إلى مفعولٍ فيُبْنىٰ هنا للملائكة . ووجهُه : أَْنْ يكونَ مثل : زُكِم الرجلُ وجُنَّ ، فإنه لا يُقال : إلاَّ : أَزْكمه وأَجَنَّه الله ، وهذا بابُ سماعٍ لا قياسٍ " . قلت : ونظيرُ هذه القراءة ما تقدَّم في سورة الكهفِ في قراءةِ مَنْ قرأ { فَلاَ يقوم له يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [ الآية : 105 ] بنصب " وَزْناً " من حيث تَعْدِيَةُ القاصرِ وتَقَدَّم ما فيها .