Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 4-4)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ } : العامَّةُ على نونِ العظمةِ فيهما . ورُوِي عن أبي عمرٍو بالياء فيهما أي : إنْ يَشَأْ اللهُ يُنَزَّلْ . و " إنْ " أصلُها أَنْ تدخلَ على المشكوكِ أو المحقَّقِ المبهمِ زمانُه ، والآيةُ من هذا الثاني . قوله : { فَظَلَّتْ } عطفٌ على " نُنَزِّلْ " فهو في محلِّ جزمٍ . ويجوز أن يكونَ مستأنفاً غيرَ معطوفٍ على الجزاءِ . ويؤيِّد الأولَ قراءةُ طلحة " فَتَظْلِلْ " بالمضارعِ مفكوكاً . قوله : { خَاضِعِينَ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنه خبرٌ عن " أعناقُهم " . واستُشْكِلَ جمعُه جمعَ سلامةٍ لأنه مختصٌّ بالعقلاءِ . وأُجيب عنه بأوجهٍ ، أحدُها : أنَّ المرادَ بالأعناق الرؤساءُ ، كما قِيل : لهم وجوهٌ وصدورٌ قال : @ 3505ـ … في مَجْمَعٍ مِنْ نواصِي الخيلِ مَشْهودِ @@ الثاني : أنه على حذفِ مضافٍ أي : فظلَّ أصحابُ الأعناقِ ، ثم حُذِفَ وبقي الخبرُ على ما كان عليه قبل حَذْفِ المُخْبَرِ عنه مراعاةً للمحذوفِ . وقد تقدَّم ذلك قريباً عند قراءةِ { وَقُمْراً مُّنِيراً } [ الفرقان : 61 ] . الثالث : أنه لَمَّا أُضيفَتْ إلى العقلاءِ اكتسَبَ منهم هذا الحكمَ ، كما يُكتسب التأنيثُ بالإِضافةِ لمؤنث في قولِه : @ 3506ـ … كما شَرِقَتْ صَدْرُ القناةِ من الدمِ @@ الرابع : أنَّ الأعناقَ جمعُ عُنُق من الناس ، وهم الجماعةُ ، فليس المرادُ الجارحةَ البتة . ومن قولُه : @ 3507ـ أنَّ العراقَ وأهلَه عُنُقٌ إليك فَهَيْتَ هَيْتا @@ قلت : وهذا قريبٌ مِنْ معنى الأولِ . إلاَّ أنَّ هذا القائلَ يُطْلِقُ الأعناقَ على جماعةِ الناسِ مطلقاً ، رؤساءَ كانوا أو غيرَهم . الخامس : قال الزمخشري : " أصلُ الكلامِ : فظلًُّوا لها خاضعين ، فَأُقْحِمَتِ الأعناقُ لبيانِ موضع الخضوع ، وتُرِكَ الكلامُ على أصله ، كقولهم : ذهبَتْ أهلُ اليمامة ، فكأن الأهلَ غيرُ مذكور " . قلت : وفي التنظير بقولِه : ذهبَتْ أهلُ اليمامةِ " نظرٌ ؛ لأنَّ " أهل " ليس مقحماً البتة ؛ لأنه المقصودُ بالحكم , وأمَّا التأنيثُ فلاكتسابِه التأنيثَ . السادس : أنها عُوْمِلَتْ معاملةَ العقلاءِ لَمَّا أُسْند إليهم ما يكونُ فِعْلَ العقلاءِ كقوله { ساجِدِين } و { طائِعِين } في يوسف والسجدة . والثاني : أنه منصوبٌ على الحالِ من الضميرِ في " أعناقُهم " قاله الكسائي ، وضَعَّفه أبو البقاء قال : " لأنِّ " خاضعين " يكون جارياً على غيرِ فاعلِ " ظَلَّتْ " فيَفْتَقِرُ إلى إبرازِ ضميرِ الفاعل ، فكان يجبُ أَنْ يكونَ " خاضعين هم " . قلت : ولم يَجْرِ " خاضعين " في اللفظِ والمعنىٰ إلاَّ على مَنْ هو له ، وهو الضمير في " أعناقُهم " ، والمسألة التي قالها : هي أَْن يجريَ الوصفُ على غير مَنْ هو له في اللفظِ دونَ المعنى ، فكيف يلزمُ ما ألْزَمه به ؟ على أنه لو كان كذلك لم يَلْزَمْ ما قاله ؛ لأنَّ الكسائيَّ والكوفيين لا يُوْجِبون إبرازَ الضميرِ في هذه المسألةِ إذا أُمِنَ اللَّبْسُ ، فهو يَلْتَزِمُ ما ألزمه به ، ولو ضَعَّفه بمجيءِ الحالِ من المضاف إليه لكان أقربَ . على أنه لا يَضْعُفُ لأنَّ المضافَ جزءٌ من المضافِ إليه كقولِه : { مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً } [ الحجر : 47 ] .