Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 8-8)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { نُودِيَ } : في القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه ضميرُ موسى ، وهو الظاهرُ . وفي " أَنْ " حينئذٍ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنَّها المُفَسِّرَةُ لتقدُّمِ ما هو بمعنىٰ القول . والثاني : أنها الناصبةُ للمضارعِ ، ولكنْ وُصِلَتْ هنا بالماضي . وتقدَّم تحقيقُ ذلك ، وذلك على إسقاطِ الخافضِ أي : نُوْدي موسى بأَنْ بُورِك . الثالث : أنها المخففةُ ، واسمُها ضميرُ الشأنِ ، و " بُوْرِك " خبرُها ، ولم يَحْتَجْ هنا إلى فاصلٍ ؛ لأنه دعاءٌ ، وقد تقدَّم نحوُه في النور في قوله : { أَنْ غَضِب } [ النور : 9 ] في قراءته فعلاً ماضياً . قال الزمخشري : " فإن قلتَ : هل يجوزُ أن تكونَ المخففةَ من الثقيلةِ ، والتقدير : بأنَّه بُورك . والضميرُ ضميرُ الشأنِ والقصةِ ؟ قلت : لا لأنه لا بُدَّ مِنْ " قد " . فإنْ قلتَ : فعلى إضمارِها ؟ قلت : لا يَصِحُّ لأنها علامةٌ ولا تُحْذَفُ " . انتهى . فمنع أَنْ تكونَ مخففةً لِما ذًُكِر ، وهذا بناءً منه على أَنَّ " بُوْرِكَ " خبرٌ لا دعاءٌ . أمَّا إذا قُلْنا : إنه دعاءٌ كما تقدَّم في النورِ فلا حاجةَ إلى الفاصلِ كما تقدَّم . وقد تقدَّم فيه استشكالٌ : وهو أنَّ الطلبَ لا يَقَعُ خبراً في هذا البابِ فكيف وَقَعَ هذا خبراً لـ " أَنْ " المخففةِ وهو دُعاءٌ ؟ الثاني : من الأوجهِ الأُوَلِ : أنَّ القائمَ مَقامَ الفاعلِ نفسُ " أَنْ بُوْرِكَ " على حَذْفِ حرفِ الجرِّ أي : بأَنْ بُوْرِكَ . و " أَنْ " حينئذٍ : إمَّا ناصبةٌ في الأصلِ ، وإمَّا مخففةٌ . الثالث : أنه ضميرُ المصدرِ المفهومِ من الفعلِ أي : نُودي النداءُ ، ثم فُسِّر بما بعدَه . ومثلُه { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } [ يوسف : 35 ] . قوله : { مَن فِي ٱلنَّارِ } " مَنْ " قائمٌ مقامَ الفاعلِ لـ " بُوْرك " . وبارَكَ يتعدَّىٰ بنفسِه ، ولذلك بُني للمفعولِ . يقال : بارَكَكَ اللهُ ، وبارَكَ عليكَ ، وبارَكَ فيك ، وبارك لكَ ، وقال الشاعر : @ 3539ـ فَبُوْرِكْتَ مَوْلُوداً وبُوْرِكْتَ ناشِئاً وبُوْرِكْتَ عند الشِّيْب إذ أَنْتَ أَشْيَبُ @@ وقال عبدُ الله بن الزبير : @ 3540ـ فبُوْرِكَ في بَنِيْكَ وفي بَنيهمْ إذا ذُكِروا ونحن لك الفِداءُ @@ وقال آخر : @ 3541ـ بُوْرِك الميِّتُ الغرِيبُ كما بُوْ رِكَ نَضْحُ الرُّمانِّ والزيتونِ @@ والمرادُ بـ " مَنْ " : إمَّا الباري تعالى ، وهو على حَذْفٍ مضافٍ أي : مَنْ قُدْرَتُه وسُلْطانه في النار . وقيل : المرادُ به موسىٰ والملائكةُ ، وكذلك بمَنْ حولَها . وقيل : المرادُ بـ " مَنْ " غيرُ العقلاءِ وهو النورُ والأمكنةُ التي حولَها . قوله : { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ } فيه أوجهٌ ، أحدها : أنَّه من تتمَّةِ النداءِ أي : نُوْدِي بالبركةِ وتَنْزِيْهِ ربِّ العزَّةِ . أي : نُودي بمجموعِ الأمرَيْنِ . الثاني : أنه من كلامِ اللهِ تعالىٰ مخاطِباً لنبيِّنا محمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ ، وهو على هذا اعتراضُ بين أثناءِ القصةِ . الثالث : أنَّ معناه : وبُوْرِك مَنْ سَبَّح اللهَ . يعني أنه حَذَفَ " مَنْ " وصلَتها وأَبْقَىٰ معمولَ الصلةِ إذ التقدير : بُوْرِكَ مَنْ في النار ومَنْ حَوْلَها ، ومَنْ قال : سبحان الله و " سُبْحانَ " في الحقيقةِ ليس معمولاً لـ " قال " بل لفعلٍ مِنْ لفظِه ، وذلك الفعلُ هو المنصوبُ بالقول .