Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 68-68)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ } : فيه أوجهٌ ، أحدها : أن " ما " نافيةٌ فالوقفُ على " يَخْتار " . والثاني : " ما " مصدريةٌ أي : يختار اختيارَهم ، والمصدرُ واقعٌ موقعَ المفعولِ به أي : مُختارهم . الثالث : أَنْ تكونَ بمعنىٰ الذي ، والعائدُ محذوفٌ أي : ما كان لهم الخيرةُ فيه كقولِه : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [ الشورى : 43 ] أي : منه . وجَوَّزَ ابنُ عطية أَنْ تكونَ " كان " تامةً و " لهم الخِيَرَةُ " جملةٌ مستأنفةٌ . قال : " ويَتَّجه عندي أن تكون " ما " مفعولةً إذا قدَّرْنا كان التامةَ أي : إنَّ اللهَ يختار كلِّ كائنٍ . و " لهم الخيرةُ " مستأنفٌ . معناه تعديدُ النِّعمِ عليهم في اختيار الله لهم لو قَبلوا " . وجعل بعضُهم في " كان " ضميرَ الشأن / وأنشد : @ 3633ـ أمِنْ سُمَيَّةَ دَمْعُ العين تَذْرِيْفُ لو كان ذا منك قبل اليوم معروفُ @@ ولو كان " ذا " اسمَها لقال : " معروفاً " . وابنُ عطيةَ منع ذلك في الآية قال : " لأنَّ تفسيرَ الأمرِ والشأنِ لا يكون بجملةٍ فيها محذوف " . قلت : كأنه يريد أنَّ الجارَّ متعلقٌ بمحذوفٍ . وضميرُ الشأنِ لا يُفَسَّر إلاَّ بجملةٍ مصرَّح بجزْأَيْها . إلاَّ أنَّ في هذا نظراً إنْ أراده ؛ لأن هذا الجارَّ قائمٌ مقامَ الخبرِ . ولا أظنُّ أحداً يمنعُ " هو السلطان في البلد " و " هي هندٌ في الدار " . والخِيَرَةُ مِنَ التخيير ، كالطِّيَرَةِ من التَّطَيُّرِ فيُستعملان استعمالَ المصدر . وقال الزمخشري : " ما كان لهم الخيرةُ بيانٌ لقولِه " ويختار " لأنَّ معناه : ويختار ما يشاءُ ، ولهذا لم يَدْخُلِ العاطفُ . والمعنىؤ : أنَّ الخِيَرَةَ للهِ تعالى في أفعالِه ، وهو أعلمُ بوجوهِ الحكمة فيها ليس لأحدٍ مِنْ خَلْقِه أَنْ يختار عليه " . قتل : لم يَزَلِ الناسُ يقولون : إن الوقفَ على " يختار " ، والابتداءَ بـ " ما " على أنها نافيةٌ هو مذهبُ أهلِ السنةِ . ونُقِل ذلك عن جماعةٍ كأبي جعفرٍ وغيرِه ، وأنَّ كونَها موصولةً متصلةً بـ " يختار " غيرَ موقوفٍ عليه مذهبُ المعتزلة . وهذا الزمخشريُّ قد قَّررَ كونَها نافيةً ، وحَصَّل غرضَه في كلامِه ، وهو موافقٌ لكلامِ أهلِ السُّنةِ ظاهراً ، وإنْ كان لا يريده . وهذا الطبريُّ مِنْ كبار أهل السنة مَنَعَ أَنْ تكونَ [ ما ] نافيةً قال : لئلا يكون المعنىٰ : أنَّه لم تكنْ لهم الخيرةُ فيما مضىٰ ، وهي لهم فيما يُستقبل ، وأيضاً فلم يتقدَّمْ نفيٌ " . وهذا الذي قاله ابنُ جريرٍ مَرْوِيٌّ عن ابن عباس . وقال بعضُهم : ويختار لهم ما يشاء من الرسلِ ، فـ " ما " على هذا واقعةٌ على العقلاء .