Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 112-112)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ } : أينما شرطٌ وهي ظرفُ مكان و " ما " مزيدةٌ فيها ، فـ " ثُقفوا " في محلِّ جزمٍ بها ، وجوابُ الشرط : إمَّا محذوفٌ أي : أينما ثُقِفوا غُلِبوا وذُلُّوا ، دلَّ عليه قوله : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } ، وإمَّا نفسُ " ضُرِبَتْ " عند مَنْ يُجيز تقديمَ جواب الشرطِ عليه ، فـ { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } لا محلَّ له على الأول ومحلُّه الجزمُ على الثاني . قوله : { إِلاَّ بِحَبْلٍ } هذا الجارُّ في محلِّ نصبٍ على الحال ، وهو استثناءٌ مفرغٌ من الأحوال العامة . قال الزمخشري : " وهو استثناءٌ من عامِّ أعمِّ الأحوال ، والمعنى : " ضُرِبَتْ عليهم الذِّلَّةُ في عامة الأحوال إلاَّ في حال اعتصامهم بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناس " ، وعلى هذا فهو استثناءٌ متصلٌ وقال الزجاج والفراء : " هو استثناءٌ منقطعٌ " . فقدَّره الفراء : " إلاَّ أَنْ يَعْتصموا بحبل من الله " ، فَحَذَف ما يتعلَّق به الجارُّ ، كما قال حميد بن ثور الهلالي : @ 1388ـ رَأَتْني بِحَبْلَيْها فَصَدَّتْ مخافةً وفي الحبلِ رَوْعاءُ الفؤادِ فَروقُ @@ أراد : أقلبت بحبلَيْها ، فَحَذَفَ الفعلَ للدلالة عليه . ونظَّره ابن عطية بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً } [ النساء : 92 ] قال : " لأن باديَ الرأي يُعْطي أنَّ له أن يَقْتُلَ خطأ ، وأنَّ الحبل من الله ومن الناس يُزيل ضرب الذلة ، وليس الأمر كذلك ، وإنما في الكلام محذوف / يدركه فهمُ السامعِ الناظرِ في الأمر ، وتقديرُه في آيتنا : " فلا نجاة من الموت إلا بحبلٍ " قال الشيخ : " وعلى ما قَدَّره لا يكونُ استثناء منقطعاً لأنه مستثنى من جملة مقدرة وهي قوله : " فلا نجاة من الموت " وهو متصل على هذا التقدير ، فلا يكون استثناء منقطعاً من الأول ضرورةَ أنَّ الاستثناءَ الواحدَ لا يكونُ منقطعاً متصلاً ، والاستثناءُ المنقطعُ كما تقرَّر في علمِ النحو على قسمين : منه ما يُمْكِنُ أَنْ يتسلَّط عليه العاملُ ، ومنه ما لا يمكن في ذلك ، ومنه هذه الآيةُ على تقديرِ الانقطاعِ ، إذ التقديرُ : لكنَّ اعتصامَهم بحبلٍ من اللهِ وحبلٍ من الناس يُنْجِيهم من القتلِ والأسْر وسَبْيَ الذَّراري واستئصالِ أموالِهم ، ويَدُلُّّ على أنه منقطعٌ : الإِخبارُ بذلك في قوله تعالى في سورة البقرة : { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [ البقرة : 61 ] فلم يَسْتَثْنِ هناك " . وما بعدَ هذه الآيةِ قد تقدَّم إعرابه .