Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 128-128)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَوْ يَتُوبَ } : في نصبِه أوجهٌ ، أحدها : أنه معطوفٌ على الأفعالِ المنصوبةِ قبلَه تقديرُه : ليقطعَ أو يكبِتَهم أو يتوبَ عليهم أو يعذِّبَهم ، وعلى هذا فيكونُ قولُه " ليس لك من الأمرِ شيءٌ " جملةً اعتراضيةً بين المتعاطِفَيْنِ ، والمعنى : أنَّ الله تعالى هو المالِكُ لأمرهم ، فإنْ شاء قطع طرفاً منهم أو هزمهم ، أو يتوبَ عليهم إن أسلموا ورَجعوا ، أو يعذبهم إن تمادَوا على كفرهم ، وإلى هذا التخريجِ ذهب جماعة من النحاة كالفراء والزجاج . والثاني : أن " أو " هنا بمعنى " إلاَّ أَنْ " كقولِهم : " لألزَمَنَّك أو تقضِيَني حقي " أي : إلاَّ أَنْ تقضيني . الثالث : [ أنّ ] " أو " بمعنى " حتى " أي : ليس لك من الأمر شيء حتى يتوبَ . وعلى هذين القولين فالكلامُ متصلٌ بقولِه : " ليس لك من الأمر شيء " والمعنى : / ليس لك من الأمر شيء إلاَّ أَنْ يتوب عليهم بالإِسلامِ فيحصُل لك سرورٌ بهدايتِهم إليه أو يعذبهم بقتلٍ أو نارٍ في الآخرةِ . فيتَشَفَّى بهم . ومِمَّنْ ذهب إلى ذلك الفراء وأبو بكر ابن الأنباري . قال الفراء : " ومثلُ هذا الكلامِ : " لأُذَمَّنَّك أو تعطيَني " على معنى : إلا أَنْ تعطيَني ، وحتى تعطيني . وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول امرىء القيس : @ 1425ـ فقلتُ له لاَ تبْكِ عينُك إنَّما تحاولُ مُلْكَاً أو تموتَ فَتُعْذَرا @@ أراد : حتى تموتَ ، أو : إلاَّ أن تموتَ " قلت : وفي تقديره بيتَ امرىء القيس بـ " حتى " نظرٌ ، إذ ليس المعنى عليه ؛ لأنه لم يفعلْ ذلك لأجلِ هذه الغايةِ والنحويون لم يقدِّروه إلا بمعنى " إلاَّ " . الثالث : أنه منصوبٌ بإضمار " أَنْ " عطفاً على قوله : " الأمر " كأنه قيل : " ليس لك من الأمرِ أو من تَوْبته عليهم أو تعذيبِهم شيءٌ " ، فلمَّا كان في تأويلِ الاسم عُطفِ على الاسمِ قبلَه فهو من باب قولِه : @ 1426ـ ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةً وآلُ سُبَيْعٍ أو أَسُوْءَكَ علقما @@ وقولها : @ 1427ـ لَلُبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفوف @@ الرابع : أنه معطوفٌ بالتأويلِ المذكور على " شيء " والتقدير : ليس لك من الأمرِ من شيءٌ أو توبةُ اللهِ عليهم أو تعذيبُهم أي : ليس لك أيضاً توبتُهم ولا تعذيبُهم ، إنما ذلك راجعٌ إلى الله تعالى . وقرأ أُبَيّ : " أو يتوبُ ، أو يعذِّبُهم " برفعهما على الاستئناف في جملةٍ اسميةٍ أضمر مبتدَؤُها أي : أو هو يتوبُ ويعذِّبُهم .