Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 34-34)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ذُرِّيَّةً } : في نصبها وجهان ، أحدهما : أنها منصوبةٌ على البدل مِمَّا قبلها ، وفي المبدلِ منه على هذا ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها بدل من " آدم " ومَنْ عُطِفَ عليه ، وهذا إنما يتأتى على قولِ مَنْ يطلق " الذرية " على الآباء وعلى الأبناء ، وإليه ذهب جماعة . قال الجرجاني : " الآية تُوجِبُ أن يكونَ الآباء ذريةً للأبناء والأبناء ذريةً للآباء ، وجاز ذلك لأنه من " ذَرَأَ الخَلْقَ " فالأبُ ذُرِيَ منه الولد ، والولد ذُرِيَ من الأب " وقال الراغب : " الذرية تقال للواحد والجمع والأصلِ والنسل ، كقوله : { حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } [ يس : 41 ] أي : آباءهم ، ويقال للنساء : الذَّراري ، فعلى هذين الوجهين يَصِحُّ جَعْلُ " ذرية " بدلاً من آدم ومن عُطِف عليه . قال أبو البقاء : " ولا يجوز أَنْ يكونَ بدلاً من آدم لأنه ليس بذرية " وهذا الذي قاله ظاهرٌ إنْ أراد آدمَ وحدَهُ دونَ مَنْ عُطِفَ عليه ، وإن أراد آدمَ ومَنْ ذُكِرَ معه فيكونُ المانع عنده عدمَ جوازَ إطلاق الذرية على الآباء . الثاني : من أوجه البدل : أنها بدلٌ من " نوح " ومَنْ عُطِفَ عليه ، وإليه نحا أبو البقاء . الثالث : أنها بدلٌ من الآلَيْن : أعني آل إبراهيم وآل عمران ، وإليه نحا الزمخشري ، يريد أن الآلَيْن ذريةٌ واحدة . الوجه الثاني من وجهي نصب " ذرية " : النَصْبُ على الحال ، تقديره : اصطفاهم حالَ كونِهِم بعضَهم من بعض ، والعاملُ فيها : اصطفى . وقد تقدَّم القول في اشتقاق هذه اللفظة ووزنِها ومدلولِها مشبعاً فأغنى عن إعادته . قوله : { بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } هذه الجملةُ في موضِع النصب نعتاً لذرية .