Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-38)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا } : " هنا " هو الاسمُ واللامُ للبعد والكافُ حرفُ ، وهو وِزانُ " ذلك " ، وهو منصوبٌ على الظرفِ المكاني بـ " دعا " ، أي : في ذلك المكان الذي رأى فيه ما رأى مِنْ أَمْرِ مريم ، وهو ظرفٌ لا يتصرَّفُ بل يلزم النصبَ على الظرفية ، وقد يُجَرُّ بـ " مِنْ " و " إلى " قال الشاعر : @ 1250ـ قد وَرَدَتْ مِنْ أَمْكِنَهْ مِنْ ههنا ومِنْ هُنَهْ @@ وحكمُه حكمُ " ذا " مِنْ كونِهِ يُجَرَّد من حرف التنبيه ومن الكاف واللام نحو : هنا ، وقد تصحبه " ها " التنبيه نحو : ههنا ، ومع الكافِ قليلاً نحو : " ها هناك " ، ويمتنعُ الجمعُ بين ها واللام . وأخواتُهُ : هَنَّا بتشديد النون مع فتح الهاء وكسرها ، وثَمَّ بفتح الثاء ، وقد يقال هَنَّتْ ، ولا يُشار بهذه إلا للبعيد خاصة ، ولا يشار بهنالك وما ذُكِرَ معه إلا للأمكنة . وقد زعم بعضُهم أنَّ " هناك " و " هنالك " و " هَنَّا " للزمان ، فمِنْ ورودِ " هنالك " بمعنى الزمان عند بعضِهم هذه الآية أي : في ذلك الزمان ، ومثلُه : { هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ الأحزاب : 11 ] ومنه قولُ زهير : @ 1251ـ هنالك إنْ يُسْتَخْبَلُوا المالَ يُخْبِلُوا … @@ والظاهر أنه على مكانِيَّتِه . ومن ورود " هناك " قوله : @ 1252ـ وإذا الأمورُ تعاظَمَتْ وتشابَهَتْ فهناك يعترفون أين المفزَعُ @@ ومن ورود هَنَّا قوله : @ 1253ـ حَنَّتْ نَوارِ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ وبدا الذي كانت نوارِ أَجَنَّتِ @@ لأن " لات " لا تعمل إلا في الأحيان ، وفي البيت كلامٌ أطولُ من هذا . وفي عبارة السجاوندي أن " هناك " في المكان و " هنالك " في الزمان ، وهو سهوٌ ، لأنها للمكان سواءً تجردت أم اتصلت بالكاف واللام معاً أم بالكاف دون اللام . قوله : { مِن لَّدُنْكَ } يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أن يتعلق بـ " هَبْ " وتكونُ " مِنْ " لابتداء الغاية مجازاً أي : هَبْ لي من عندِك ، ويجوز أن تتعلق بمحذوفٍ على أنه في الأصل صفةٌ لذرية ، فلما قُدِّم عليها انتصبَ حالاً . وقد تقدَّم الكلامُ على لدن وأحكامِها ولغاتِها . وقوله : { سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } مثالُ مبالغة مُحَوَّل من " سامِع " وليس بمعنى " مُسْمِع " لفسادِ المعنى . وقوله : { طَيِّبَةً } نْ أرادَ بـ " ذرية " الجنسَ فيكونُ التأنيثُ في " طيبة " باعتبارِ تأنيثِ الجماعة ، وإنْ أرادَ به ذَكَراً واحداً فالتأنيث باعتبار اللفظ . قال : الفراء : " وأَنَّث " طيبة " لتأنيثِ لفظِ " الذرية " كما قال الشاعر : @ 1254ـ أبوكَ خليفةٌ وَلَدَتْهُ أخرى وأنت خليفةٌ ، ذاك الكمالُ @@ وهذا فيما لم يُقْصَدُ به واحدٌ معيَّنٌ ، أمَّا لو قُصِدَ به واحدٌ معيَّنٌ امتَنَعَ اعتبارُ اللفظِ نحو : طلحة وحمزة ، وقد جَمَعَ الشاعرُ بين التذكيرِ والتأنيث في قوله : @ 1255ـ فما تَزْدَري من حَيَّةٍ جَبَلِيَّة سُكاتٍ إذا ما عَضَّ ليس بِأَدْرَدَا @@ لأنَّ المرادَ بحيَّة اسمُ الجنسِ لا واحدٌ بعينه .