Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-3)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { بَلَىٰ } : جوابٌ لقولِهم " لا تَأْتينا " وما بعده قسمٌ على ذلك . وقرأ العامَّةُ " لَتَأْتِيَنَّكم " بالتأنيث . وطلق بالياء فقيل : أي : البعثُ . وقيل : هي على معنى الساعة ، أي : اليوم . قاله الزمخشري . ورَدَّه الشيخ بأنه ضرورةٌ ، كقوله : @ 3710 ـ … ولا أَرْضَ أبْقَلَ إبْقالَها @@ وليس مثلَه . وقيل : أي الله بمعنى أمْرُه . ويجوز على قياسِ هذا الوجهِ أَنْ يكونَ " عالمُ " فاعلاً لـ " يَأْتَيَنَّكم " في قراءةِ مَنْ رفعه . قوله : " عالم " قرأ الأخَوان " عَلاّم " على صيغة المبالغة وخفضِه نعتاً لـ رَبِّي " أو بدلاً منه وهو قليلٌ لكونِه مشتقاً . ونافع وابن عامر " عالمُ " بالرفع على هو عالم أو على أنه مبتدأٌ ، وخبره " لا يَعْزُب " أو على أنَّ خبرَه مضمرٌ أي هو . ذكره الحوفي . وفيه بُعْد . والباقون " عالم " بالخفض على ما تقدَّم . وإذا جُعِل نعتاً فلا بُدَّ مِنْ تقدير تعريفِه . وقد تقدَّم أنَّ كلَّ صفةٍ يجوزُ أن تتعرَّفَ بالإِضافةِ إلاَّ الصفةَ المشبهةَ . وتقدَّمتْ قراءتا " يَعْزُب " في سورةِ يونس . قوله : " ولا أَصْغَرُ " العامَّةُ على رفعِ " أصغر " و " أكبر " . وفيه وجهان ، أحدُهما : الابتداء ، والخبرُ { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } . والثاني : النسقُ على " مثقالُ " وعلى هذا فيكونُ { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } تأكيداً للنفيِ في " لا يَعْزُبُ " كأنه قال : لكنه في كتاب مُبين . وقرأ قتادةُ والأعمش ، ورُوِيَتْ عن أبي عمرو ونافع أيضاً ، بفتح الراءَيْن . وفيهما وجهان ، أحدهما : أنها " لا " التبرئةُ بُني اسمُها معها . والخبرُ قولُه : { إِلاَّ فِي كِتَابٍ } . الثاني : النسقُ على " ذَرَّةٍ " . وتقدَّم في يونس أنَّ حمزةَ قرأ بفتح راءِ " أصغر " و " أكبر " وهنا وافقَ على الرفع . وتقدَّم البحثُ هناك مُشْبَعاً . قال الزمخشري : " فإن قلتَ : هَلاَّ جاز عطفُ " ولا أصغرُ " على " مثقال " ، وعطف " ولا أكبرَ " على " ذَرَّة " . قلت : يَأْبَى ذلك حرفُ الاستثناءِ إلاَّ إذا جَعَلْتَ الضميرَ في " عنه " للغيبِ ، وجَعَلْتَ " الغيب " اسماً للخَفِيَّات قبل أنْ تُكتبَ في اللَّوْح ؛ لأنَّ إثباتَها في اللوحِ نوعٌ من البروزِ عن الحجاب على معنى : أنه لا يَنْفَصِلُ عن الغيب شيءٌ ولا يَزِلُّ عنه / إلاَّ مَسْطوراً في اللوح " . قال الشيخ : " ولا يُحتاجُ إلى هذا التأويلِ إذا جَعَلْنا الكتابَ ليس اللوحَ المحفوظ " . وقرأ زيد بن علي بخفض راءَيْ " أصغر " و " أكبر " وهي مُشْكلةٌ جداً . وخُرِّجَتْ على أنهما في نية الإِضافة ؛ إذ الأصلُ : ولا أصغرِه ولا أكبره ، وما لا ينصرف إذا أُضيفَ انْجَرَّ في موضعِ الجرِّ ، ثم حُذِفَ المضافُ إليه ونُوي معناه فَتُرِك المضَافُ بحالِه ، وله نظائرُ كقولهم : @ 3711 ـ … بين ذراعَيْ وجَبْهَةِ الأسَدِ @@ و [ قوله : ] @ 3712 يا تَيْمَ عَدِيٍّ … … @@ على خلافٍ . وقد يُفَرَّقُ : بأن هناك ما يَدُلُّ على المحذوفِ لفظاً بخلاف هنا . وقد رَدَّ بعضُهم هذا التخريجَ لوجود " مِنْ " ؛ لأنَّ أفعلَ متى أُضيف لم يجامِعْ " مِنْ " . وأُجيب عن ذلك بوجهين ، أحدهما : أنَّ " مِنْ " ليسَتْ متعلقةً بـ أَفْعَل ؛ بل بمحذوفٍ على سبيل البيانِ لأنه لَمَّا حُذِفَ المضافُ إليه انبهم المضافُ فتبَيَّن بـ " مِنْ " ومجرورِها أي : أعني من ذلك . والثاني : أنَّه مع تقديرِه للمضافِ إليه نُوي طَرْحُه ، فلذلك أُتي بـ " مِنْ " . ويدلُّ على ذلك أنه قد وَرَدَ التصريحُ بالإِضافةِ مع وجود " مِنْ " قال الشاعر : @ 3713 نحن بغَرْسِ الوَدَي أَعْلَمُنا مِنَّا بركضِ الجيادِ في السُّدَفِ @@ وخُرِّجَ على هذين الوجهين : إمَّا التعلُّقِ بمحذوفٍ ، وإمَّا نيةِ اطِّراحِ المضاف إليه . قلت : وهذا كما احتاجوا إلى تأويل الجمع بين أل ومِنْ في أفعلَ كقوله : @ 3714 ولستُ بالأكثرِ منهم حَصَىً … @@ وهذه توجيهاتُ شذوذٍ ، لا يُطْلَبُ فيها أكثرُ مِنْ ذلك فلْيُقْنَعْ بمثله .