Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 1-1)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بسم الله الرحمن الرحيم قرأ العامَّةُ " يَسِيْنْ " بسكونِ النونِ . وأظهر النونَ عند الواوِ بعدَها ابنُ كثير وأبو عمرٍو وحمزةُ وحفصٌ وقالونُ وورشٌ بخلافٍ عنه ، وكذلك النونُ مِنْ { نۤ وَٱلْقَلَمِ } [ القلم : 1 ] وأدغمهما الباقون . فَمَنْ أَدْغَمَ فللخِفَّةِ ، ولأنَّه لَمَّا وَصَل والتقى متقاربان مِنْ كلمتين أوَّلُهما ساكنٌ وَجَبَ الإِدغامُ . ومَنْ أظهرَ فللمبالغةِ في تفكيكِ هذه الحروفِ بعضِها من بعض لأنه بنيَّةِ الوَقْفِ ، وهذا أَجْرى على القياسِ في الحروفِ المقَطَّعَةِ ولذلك التقى فيها الساكنان وَصْلاً ، ونَقَل إليها حركةَ همزةِ الوصلِ على رَأْيٍ نحو : { ألف لام ميم الله } كما تقدَّم تقريرُه . وأمال الياءَ مِنْ " يس " الأخَوان وأبو بكر لأنها اسمٌ من الأسماءِ كما تقدَّم تقريرُه أولَ البقرةِ . قال الفارسيُّ : " وإذا أمالوا " يا " وهي حرفُ نداءٍ فلأَنْ يُميلوا " يا " مِنْ يس أجدرُ " . وقرأ عيسى وابنُ أبي إسحاق بفتح النون : إمَّا على البناءِ على الفتح تخفيفاً كأَيْن وكيفَ ، وإمَّا على أنَّه مفعولٌ بـ " اتْلُ " ، وإمَّا على أنَّه مجرورٌ بحرفِ القسمِ . وهو على الوجهَيْن غيرُ منصرفٍ للعلَميَّةِ والتأنيث . ويجوز أَنْ يكونَ منصوباً على إسقاطِ حرفِ القسمِ ، كقولِه : @ 3774 ـ … فذاك أمانةَ اللَّهِ الثَّريدُ @@ وقرأ الكلبي بضم النون . فقيل : على أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي : هذه يس ، ومُنِعَتْ من الصرفِ لِما تقدَّم . وقيل : بل هي حركةُ بناءٍ كـ حيث فيجوز أَنْ يكونَ خبراً كما تقدَّم ، وأَنْ يكونَ مُقْسَماً بها نحو : " عَهْدُ اللَّهِ لأفعلَنَّ " . وقيل : لأنها منادى فبُنِيَتْ على الضم ؛ ولهذا فَسَّرها الكلبيُّ القارئُ لها بـ " يا إنسانُ " قال : " وهي لغةُ طيِّئ " . قال الزمخشري : " إنْ صَحَّ معناه فوجهُه أن يكونَ أصلُه يا أُنَيْسِيْنُ فَكَثُر النداءُ به على ألسنتِهم ، حتى اقتصروا على شَطْرِه ، كما قالوا في القسم : مُ الله في " ايْمُنُ اللَّهِ " . قال الشيخ : " والذي نُقِل عن العرب في تصغير إنْسان : أُنَيْسِيان بياءٍ بعدها ألفٌ فدَلَّ على / أنَّ أصلَه إنْسِيان ؛ لأنَّ التصغيرَ يَرُدُّ الأشياءَ إلى أصولها ، ولا نعلمُ أنَّهم قالوا في تصغيره : أُنَيْسِين . وعلى تقدير أنه يُصَغَّر كذلك فلا يجوزُ ذلك ، إلاَّ أَنْ يُبنى على الضمِّ ؛ لأنه منادى مُقْبَلٌ عليه ومع ذلك فلا يجوزُ لأنه تحقيرٌ ، ويمتنعُ ذلك في حَقِّ النبوة " . قلت : أمَّا الاعتراضُ الأخيرُ فصحيحٌ نصُّوا على أنَّ التصغيرَ لا يَدْخُلُ في الأسماءِ المعظمةِ شَرْعاً . ولذلك يُحْكى أنَّ ابنَ قتيبةَ لمَّا قال في المُهَيْمن : إنَّه مصغرٌ مِنْ مُؤْمِن ، والأصل مُؤَيْمِن ، فأبْدِلَتِ الهمزةُ هاءً . قيل له : هذا يقرُبُ من الكفرِ فليتَّقِ اللَّهَ قائلُه . وقد تقدَّمَتْ هذه الحكايةُ في المائدةِ مطوَّلةً وما قيل فيها . وقد تقدَّم للزمخشريِّ في طه ما يَقْرُبُ من هذا البحثِ ، وتقدَّم للشيخِ معه كلامٌ . واقرأ ابنُ أبي إسحاق أيضاً وأبو السَّمَّال " يَسنِ " بكسرِ النونِ ، وذلك على أصلِ التقاءِ الساكنين . ولا يجوزُ أَنْ تكونَ حركةَ إعرابٍ .