Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 100-100)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

و { مُهَاجِراً } : نصبٌ على الحال من فاعل " يَخْرج " قوله : { ثُمَّ يُدْرِكْهُ } الجمهورُ على جزم " يدركْه " عطفاً على الشرط قبله ، وجوابه " فقد وقع " ، وقرأ الحسن البصري بالنصب . قال ابن جني : " وهذا ليس بالسهل وإنما بابُه الشعر لا القرآنُ وأنشد : @ 1643 - وسأترُكُ منزلي لبني تميم وألحقُ بالحجازِ فاستريحا @@ والآيةُ أقوى من هذا لتقدُّم الشرط قبل المعطوف " ، يعني أن النصب بإضمار " أن " إنما يقع بعد الواو والفاء في جواب الأشياء الثمانية أو عاطفٍ ، على تفصيلٍ موضوعه كتب النحو ، والنصبُ بإضمار " أن " في غير تلك المواضع ضرروةٌ كالبيتِ المتقدم ، وكقول الآخر : @ 1644 - … ويَأْوي إليها المستجيرُ فيُعْصَما @@ وتبع الزمخشري أبا الفتح في ذلك ، وأنشد البيت الأول . وهذه المسألة جَوَّزها الكوفيون لمدركٍ آخرَ وهو أن الفعلَ الواقع بين الشرط والجزاء يجوز فيه الرفع والنصب والجزم إذا وقع بعد الواو والفاء ، واستدلُّوا بقول الشاعر : @ 1645 - ومَنْ لا يُقَدِّمْ رِجْلَه مطمئنةً فَيُثْبِتَها في مستوى القاعِ يَزْلَقِ @@ وقول الآخر : @ 1646 - ومَنْ يَقْتَرِبْ منا ويخضع نُؤْوِه ولا يَخْشَ ظلماً ما أقامَ ولا هَضْما @@ وإذا ثبت ذلك في الواو والفاء فليَجُزْ في " ثم " لأنها حرف عطف . وقرأ النخعي وطلحة بن مصرف برفع الكاف ، وخَرَّجها ابن جني على إضمار مبتدأ أي : " ثم هو يدركُه الموت " ، فعطفَ جملةً اسمية على فعلية ، وهي جملة الشرط : الفعلُ المجزومُ وفاعلُه ، وعلى ذلك حَمَل يونس قولَ الأعشى : @ 1647 - إنْ تركَبوا فركوبُ الخيل عادتُنا أو تَنْزِلون فإنَّا معشرٌ نُزُلُ @@ أي : وأنتم تنزلون ، ومثله : @ 1648 - إنْ تُذْنِبوا ثم تأتيني بَقِيَّتُكُمْ فما عليَّ بذنبٍ عندكم حُوبُ @@ أي : ثم أنتم تأتيني . قلتُ : يريدُ أنه لايُحْملُ على إهمالِ الجازمِ فيُرْفَعُ الفعلُ بعدَه ، كما رُفِعَ في " أليم يأتيك " فلم يَحْذِفِ الياء ، وهذا البيت أنشده النحويون على أنَّ علامَةَ الجزمِ حَذْفُ الحركةِ المقدرة في حرفِ العلة ، وضَمُّوا إليه أبياتاً أُخَرَ ، أمَّا أنهم يزعمون أنَّ حرف الجزم يُهمل ويَسْتدلون بهذا البيت فلا . ومنهم مَنْ خَرَّجها على وجه آخر ، وهو أنه أراد الوقفَ على الكلمة فنقلَ حركةَ هاءِ الضمير إلى الكافِ الساكنةِ للجزم ، كقولِ الآخر : @ 1649 - عَجِبْتُ والدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّني لم أَضْرِبُهْ @@ يريد " لم أَضْرِبْه " بسكون الباء للجازم ، ثم نَقَلَ إليها حركة الهاء فصار اللفظُ " ثُم يُدْرِكُهْ " ثم أَجْرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ فالتقى ساكنان فاحتاج إلى تحريك الأولِ وهو الهاءُ ، فَحَرَّكها بالضمِّ ؛ لأنه الأصلُ وللإِتباعِ أيضاً ، وهذه الأوجهُ تَشْحَذُ الذِّهنَ وتنقِّحُه .