Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 125-125)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مِمَّنْ أَسْلَمَ } متعلِّقٌ بـ " أَحْسَنُ " فهي " مِنْ " الجارة للمفضول ، و " لله " متعلقٌ بـ " أَسْلَم " وأجاز أبو البقاء أن يتعلَّق بمحذوف على أنه حالٌ من " وجهه " وفيه نظرٌ لا يخفى . " وهو مُحْسِنٌ " حالٌ من فاعل " أَسْلم " و " اتَّبع " يجوز أن يكون عطفاً على " أسلم " وهو الظاهر ، وأن يكونَ حالاً ثانية من فاعل " أسلم " بإضمار " قد " عند مَنْ يشترط ذلك ، وقد تقدَّم الكلام على { حَنِيفاً } [ الآية : 135 ] في البقرة ، إلا أنه يجوزُ هنا أن يكونَ حالاً من فاعلِ " اتّبع " . قوله : { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } فيه وجهان ، وذلك أن اتَّخذ " إنْ عَدَّيْناها لاثنين كان مفعولاً ثانياً وإلا كانَ حالاً ، وهذه الجملة عطف على الجملةِ الاستفهاميةِ التي معناها الخبرُ نَبَّهَتْ على شرف المتبوع وأنه جديرٌ بأن يُتَّبع لاصطفاءِ الله له بالخُلّة ، ولا يجوز عطفها على ما قبلها لعدم صلاحيتِها صلةً للموصول . وجعلها الزمخشري جملةً معترضة قال : " فإنْ قلت ما محلُّ هذه الجملةِ ؟ قلت : لا محلَّ لها من الإِعراب لأنها مِنْ جمل الاعتراضاتِ نحو ما يجيء في الشعر من قولهم " والحوادثُ جَمَّةٌ " فائدتُها تأكيدُ وجوبِ اتِّباع مِلَّته ، لأنَّ مَنْ بَلَغ من الزُّلفى عند الله أَن اتَّخذه خليلاً كان جديراً بأن يُتَّبع " فإنْ عنى بالاعتراضِ المصطلحَ عليه فليس ثَمَّ اعتراضٌ ، إذ الاعتراضُ بين متلازمين كفعلٍ وفاعل مبتدأ وخبر وشرط وجزاء وقسم وجواب ، وإن عَنَى غيرَ ذلك احتُمِل ، إلا أنَّ تنظيرَه بقولهم : " والحوادثُ جَمَّةٌ " يُشْعِر بالاعتراض المصطلح عليه ؛ فإن قولهم " والحوادث جمة " وَرَدَ في بيتينِ ، أحدُهما بين / فعل وفاعل كقوله : @ 1656 - وقد أَدْرَكَتْني والحوادثُ جَمَّةٌ أَسِنَّةُ قومٍ لا ضعافٍ ولا عُزْلِ @@ والآخرُ يحتمل ذلك ، على أن تكونَ الباءُ زائدةً في الفاعل كقوله : @ 1657 - ألا هل أتاها والحوادثُ جَمَّةٌ بأنَّ امرأ القيس بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرا @@ ويحتمل أن يكونَ الفاعلُ ضميراً دلَّ عليه السياق أي : هل أتاها الخبر بأن امرأ القيس ، فيكون اعتراضاً بين الفعل ومعموله . والخليلُ : مشتق من الخَلَّة بالفتح وهي الحاجة ، أو من الخُلَّة بالضم ، وهي المودة الخالصة ، أو من الخَلَل . قال ثعلب : " سُمِّي خليلاً لأن مودته تَتَخَلَّلُ القلبَ " وأنشد : @ 1658 - قد تَخَلَّلْتَ مسلكَ الروحِ مني وبه سُمِّي الخليلُ خليلا @@ وقال الراغب : " الخَلَّة - أي بالفتح - الاختلالُ العارضُ للنفس : إمَّا لشَهْوَتِها لشيء أو لحاجتِها إليه ، ولهذا فَسَّر الخَلّة بالحاجة ، والخُلّة - أي بالضم - المودة : إما لأنها تتخلل النفس أي تتوسطها ، وإما لأنها تُخِلُّ النفسَ فتؤثِّر فيها تأثيرَ السهم في الرميَّة ، وإمَّا لفَرْطِ الحاجة إليها " .