Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 157-157)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَقَوْلِهِمْ } : عطفٌ على " وكفرهم " و " عيسى " بدلٌ من " المسيح " أو عطفُ بيان ، وكذلك " ابن مريم " ويجوز أن يكونَ صفةً أيضاً ، وأجاز أبو البقاء في " رسول الله " هذه الأوجهَ الثلاثةَ ، إلا أنَّ البدل بالمشتقات قليل . وقد يُقال : إنَّ " رسول الله " جرى مَجْرى الجوامد / وأجازفيه أن يَنْتصب بإضمارِ " أعني " ، ولا حاجةَ إليه . قوله " شُبِّه لهم " : " شُبِّه " مبني للمفعول وفيه وجهان ، أحدهما : أنه مسند للجار بعده كقولك : " حِيل إليه ، ولُبس عليه " . والثاني : أنه مسندٌ لضمير المقتول الذي دَلَّ عليه قولهم : " إنَّا قتلْنا " أي : ولكن شُبِّه لهم مَنْ قتلوه . فإن قيل : لِمَ لا يجوز أن يعودَ على المسيح ؟ فالجواب أن المسيح مشبه به لا مشبه . [ قوله ] : " لفي شك منه " : " منه " في محلِّ جرٍ صفة لـ " شك " يتعلَّقُ بمحذوف ، ولا يجوز أن تتعلَّق فَضْله بنفس " شك " ؛ لأن الشك إنما يتعدَّى بـ " في " لا بـ " من " ، ولا يقال : إنَّ " مِنْ " بمعنى " في " فإن ذلك قولٌ مرجوح ، ولا ضرورةَ لنا به هنا . وقوله : { مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ } يجوز في " علم " وجهان ، أحدهما : أنه مرفوع بالفاعلية والعاملُ أحد الجارَّيْن : إمّا " لهم " وإما " به " ، وإذا جُعِل أحدُهما رافعاً له تعلَّق الآخر بما تعلَّق به الرفع من الاستقرارِ المقدر . و " مِنْ " زائدةٌ لوجودِ شرطَي الزيادةِ . والوجه الثاني : أَن يكونَ " من علم " مبتدأ زِيدت فيه " من " أيضاً ، وفي الخبر احتمالان ، أحدُهما : أن يكونَ " لهم " فيكون " به " : إمَّا حالاً من الضمير المستكنّ في الخبر ، والعاملُ فيها الاستقرارُ المقدر ، وإمَّا حالاً من " عِلْم " وإنْ كان نكرةً لتقدُّمها عليه ولاعتمادِه على نفي . فإن قيل : يلزمُ تقدُّمُ حالِ المجرور بالحرف عليه وهو ضرورةٌ لا يجوزُ في سَعة الكلام . فالجوابُ أنَّا لا نُسَلِّم ذلك ، بل نقل أبو البقاء وغيره أنَّ مذهب أكثر البصريين جوازُ ذلك ، ولئِنْ سلَّمنا أنه لا يجوز إلا ضرورة لكن المجرور هنا مجرورٌ بحرف جر زائد ، والزائد في حكم المُطَّرَح ، وأمَّا أن يتعلَّق بمحذوفٍ على سبيل البيان أي : أعني به ، ذكره أبو البقاء ، ولا حاجةَ إليه ، ولا يجوزُ أن يتعلقَ بنفس " علم " لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه . والاحتمال الثاني : أن يكون " به " هو الخبر ، و " لهم " متعلق بالاستقرار كما تقدم ، ويجوز أن تكون اللام مبيِّنة مخصصة كالتي في قوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإخلاص : 4 ] . وهذه الجملةُ المنفية تحتمل ثلاثة أوجه : الجر على أنها صفةٌ ثانية لـ " شك " أي : غيرِ معلوم . الثاني : النصب على الحالِ من " شك " وجازَ ذلك وإنْ كان نكرةً لتخصُّصِه بالوصف بقوله " منه " الثالث : الاستئناف ، ذكره أبو البقاء ، وهو بعيد . قوله : { إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ } في هذا الاستثناء قولان ، أحدهما : وهو الصحيح الذي لم يذكر الجمهورُ غيرَه أنه منقطع ؛ لأن اتباع الظن ليس من جنس العلم ، ولم يُقْرأ فيما علمت إلا بنصبِ " اتِّباع " على أصل الاستثناء المنقطع ، وهي لغةُ الحجاز ، ويجوزُ في تميم الإِبدالُ من " علم " لفظاً فيجرُّ ، او على المضع فيُرفَعُ لأنه مرفوعُ المحل كما قَدَّمته لك ، و " من " زائدة فيه . والثاني - قال ابن عطية - : أنه متصل قال : " إذ العلم والظن يضمهما جنسُ أنهما من معتقدات اليقين ، يقول الظانُّ على طريق التجوُّز : " علمي في هذا الأمر كذا " إنما يريد ظني " انتهى . وهذا غيرُ موافَقِ عليه لأن الظنَّ ما ترجَّح فيه أحد الطرفين ، واليقين ما جُزِم فيه بأحدهما ، وعلى تقدير التسليم فاتباعُ الظن ليس من جنس العلم ، بل هو غيره ، فهو منقطع أيضاً أي : ولكنَّ اتباعَ الظن حاصلٌ لهم . قوله : { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } الضمير في " قتلوه " فيه أقوال أظهرها أنه لعيسى ، وعليه جمهور المفسرين . والثاني : - وبه قال ابن قتيبة والفراء - انه يعودُ على العلم أي : ما قتلوا العلم يقيناً ، على حد قولهم : " قتلت العلم والرأي يقيناً " و " قتلته علماً " ووجه المجاز فيه أن القتل للشيء يكون عن قهر واستعلاء ، فكأنه قيل : وما كان علمهم علماً أُحيط به ، إنما كان عن ظن وتخمين . الثالث - وبه قال ابن عباس والسدي وطائفة كبيرة - أنه يعود للظن تقول : " قتلت هذا الأمر علماً ويقيناً " أي : تحققت ، فكأنه قيل : وما صَحَّ ظنهم عندهم وما تحققوه يقيناً ولا قطعوا الظن باليقين . قوله : { يقيناً } فيه خمسة أوجه ، أحدها : أنه نعت مصدر محذوف أي : قتلاً يقيناً . الثاني : أنه مصدر من معنى العامل قبله كما تقدم مجازه ، لأنه في معناه أي : وما تيقنوه يقيناً . الثالث : أنه حال من فاعل " قتلوه " أيك وما قتلوه متيقنين لقتله . الرابع : أنه منصوب بفعل من لفظه حُذِف للدلالة عليه . أي : ما تيقَّنوه يقينا ، ويكون مؤكداً لمضمون الجملة المنفية قبله . وقدّر أبو البقاء العامل على هذا الوجه مثبتاً فقال : " تقديره : تيقنوا ذلك يقنيا " وفيه نظر . الخامس - ويُنْقل عن ابي بكر بن الأنباري - أنه منصوبٌ بما بعد " بل " من قوله : { رَّفَعَهُ ٱللَّهُ } وأن في الكلام تقديماً وتأخيراً أي : بل رفعه الله إليه يقيناً ، وهذا قد نَصَّ الخليل فمَنْ دونه على منعِه ، أي : إن " بل " لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، فينبغي ألا يَصِحَّ عنه ، وقوله : { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } ردُّ لما ادَّعَوْه مِنْ قتله وصلبه . والضمير في " إليه " عائد على " الله " على حَذْفِ مضاف أي : إلى سمائِه ومحلِّ أمره ونهيه .