Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 171-171)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : والغُلُوُّ : تجاوزُ الحدِّ ، ومنه : " غَلْوة السهم " و " غَلاء السعر " قوله : { إِلاَّ ٱلْحَقَّ } هذا استثناء مفرغ ، وفي نصبه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول به لأنه تضمَّن معنى القول نحو : " قلت خطبةً " والثاني : أنه نعتُ مصدر محذوف أي : إلا القولَ الحق ، وهو قريب في المعنى من الأول . وقرأ جعفر بن محمد : " المِسِّيح " بوزن " السِّكِّيت " كأنه جَعَله مثالَ مبالغة نحو : شِرِّيبٌ العسلَ " و " المسيح " مبتدأ بعد " إنَّ " المكفوفة ، و " عيسى " بدل منه أو عطف بيان ، و " ابن مريم " صفته و " رسول الله " خبر المبتدأ ، و " كلمتُه " عطف عليه . و " ألقاها " جملةٌ ماضية في موضع الحال ، و " قد " معها مقدرةٌ . وفي عاملِ الحال ثلاثةُ أوجه نَقَلها أبو البقاء . أحدها : أنه معنى " كلمة " لأنَّ معنى وصف عيسى بالكلمة : المكونُ بالكلمة من غير أب ، فكأنه قال : ومنشؤه ومبتدعُه . والثاني : أن يكون التقدير : إذ كان ألقاها ، فـ " إذا " ظرفُ زمانٍ مستقبل ، و " كان " تامة ، وفاعلها ضمير الله تعالى . و " ألقاها " حالٌ من ذلك الفاعل ، وهو كقولهم : " ضربني زيداً قائماً " والثالث : أن يكونَ حالاً من الهاء المجرورة ، والعاملُ فيها معنى الإِضافة تقديره : وكلمةُ اللَّهِ مُلْقِياً إياها " انتهى . أمّا جعله العاملَ معنى " كلمة " فصحيح ، لكنه لم يبين في هذا الوجه من هو صاحبُ الحال ؟ وصاحبُ الحال الضميرُ المستتر في " كَلِمتُه " العائدُ على عيسى لم تَضمَّنَتْه من معنى المشتق نحو : " مُنشَأ ومُبتدَع " ، وأمّا جَعْلُه العاملَ معنى الإِضافة فشيء ضعيف ، ذهب إليه بعض النحويين . وأمَّا تقديرُه الآيةَ بمثل " ضربي زيدا قائماً " ففاسد من حيث المعنى . والله أعلم . و " روحٌ " عطفٌ على " كلمة " و " منه " صفة لـ " روح " ، و " من " لابتداء الغاية مجازاً ، وليست تبعيضيةً . ومن غريب ما يحكى أن بعض النصارى ناظَرَ علي بن الحسين بن واقد المروزي وقال : " في كتاب الله ما يَشْهد أنَّ عيسى جزءٌ من الله " وتلا : " وروح منه " ، فعارضه ابن واقد بقوله تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } [ الجاثية : 13 ] ، وقال : " يلزم أن تكون تلك الأشياء جزءاً من الله تعالى وهو مُحالٌ بالاتفاق " فانقطع النصراني وأسلم . و " ثلاثةٌ " خبر مبتدأ مضمر ، والجملة من هذا المبتدأ والخبر في محل نصب بالقول أي : ولا تقولوا : " آلهتنا ثلاثةٌ " يدلُّ عليه قوله بعد ذلك : { إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } وقيل : تقديره : الأقانيمُ ثلاثة أو المعبود ثلاثة . وقال الفارسي : " تقديره : الله ثالث ثلاثة ، ثم حُذف المضاف وأقيم المضافُ إليه مُقامه ، يريد بذلك موافقةَ قوله : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [ المائدة : 73 ] . وقوله : { ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ } نصب " خيراً " هنا كنصبه فيما تقدم في جميع وجوهِه نسبته إلى قائليه . و " أن يكون له ولد " تقديره : من أن يكون ، أو : عن أن يكون ، لأنَّ معنى " سبحان " التنزيهُ ، فكأنه قيل : نَزَّهوه عن أن يكون ، أو من أن يكون له ولد ، فيجيء في محل " ان " الوجهان المشهوران . و " واحد " نعت على سبيل التوكيد ، وظاهر كلام مكي أنه نعتٌ لا على سبيل التوكيد ، فإنه قال : " والله " مبتدأ ، و " إله " خبره ، " واحد " نعت تقديره : إنما الله منفرد في إلهيتَّه " وقيل : " واحدٌ تأكيد بمنزلة { لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [ النحل : 51 ] ، ويجوز أن يكون " إله " بدلاً من " الله " و " واحد " خبره ، تقديره : إنما المعبودُ واحدٌ . وقوله : { أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ } تقدم نظيره وقرأ الحسن : " إنْ يكونُ " بكسرِ الهمزة ورفع " يكون " على أن " إنْ " نافية أي : ما يكون له ولد ، فعلى قراءته يكون هذا الكلامُ جملتين ، وعلى قراءة العامة يكون جملة واحدة .