Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 34-34)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { عَلَى ٱلنِّسَآءِ } : متعلِّقٌ بـ " قَوَّامون " وكذا " بما " ، والباء سببية ، ويجوز أن تكونَ للحال ، فتتعلَّق بمحذوف ؛ لأنها حال من الضمير في " قَوَّامون " تقديرُه : مستحقين بتفضيل الله إياهم . و " ما " مصدريةٌ وقيل : بمعنى الذي . وهو ضعيفٌ لحَذْفِ العائد من غير مُسَوِّغ . والبعضُ الأولُ المرادُ به الرجال والبعضُ الثاني النساء ، وعَدل عن الضميرين فلم يَقُلْ : بما فَضَّلهم الله عليهنَّ للإِبهام الذي في " بعض " . و " بما أنفقوا " متعلقٌ بما تعلَّق به الأولُ . و " ما " يجوز هنا أن تكونَ بمعنى الذي من غيرِ ضَعْفٍ ؛ لأنَّ للحذف مسوغاً أي : وبما أنفقوه مِنْ أموالِهم . و { مِنْ أَمْوَالِهِمْ } متعلقٌ بـ " أَنْفَقوا " ؛ أو بمحذوف على أنه حال من الضمير المحذوف . قوله : { فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ } " الصالحات " : مبتدأ وما بعده خبران له . و " للغيب " متعلق بـ " حافظات " . وأل في " الغيب " عوضٌ من الضمير عند الكوفيين كقوله : { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } [ مريم : 4 ] أي : رأسي وقوله : @ 1577ـ لَمْياءُ في شَفَتيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ @@ أي : لِثاتِها : والجمهورُ على رفع الجلالة من " حَفِظ اللهُ " . وفي " ما " على هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجه ، أحدها : أنها مصدريةٌ والمعنى : بحِفْظِ الله إياهن أي : بتوفيقِه لهن أو بالوصية منه تعالى عليهن . والثاني : أن تكونَ بمعنى الذي والعائد محذوف أي : بالذي حفظه الله لهنَّ مِنْ مهورِ أزوجِهِنَّ والنفقة عليهن قاله الزجاج . والثالثُ : أن تكونَ " ما " نكرة موصوفةً ، والعائد محذوف أيضاً كما تقرر في الموصولة بمعنى الذي . وقرأ أبو جعفر بنصبِ الجلالة ، وفي " ما " ثلاثةُ أوجهً أيضاً ، أحدُها : أنها بمعنى الذي ، والثاني : نكرة موصوفة ، وفي " حَفِظ " ضميرٌ يعود على " ما " أي : بما حَفِظ من البر والطاعة . ولا بد من حذف مضافٍ تقديرُه : بما حفظ دينَ الله أو أَمْرَ الله ، لأنَّ الذاتَ المقدسةَ لا يحفظها أحد . والثالث : أن تكونَ " ما " مصدريةً ، والمعنى بما حفظن الله في امتثال أمره ، وساغَ عودُ الضميرِ مفرداً على جمعِ الإِناثِ لأنهن في معنى الجنس ، كأنه قيل : مِمَّنْ صَلَحَ ، فعادَ الضميرُ مفرداً بهذا الاعتبار ، ورد الناسُ هذا الوجهَ بعدم مطابقة الضمير لما يعود عليه وهذا جوابه . وجعله ابن جني مثلَ قول الشاعر : @ 1578ـ … فإنَّ الحوادِثَ أودى بها @@ أي : أَوْدَيْنَ ، وينبغي أن يقال : الأصلُ بما حَفِظَتِ اللهَ ، والحوادث أَوْدَت ؛ لأنها يجوز أن يعود الضمير على جمع الإِناث كعوده على الواحدة منهن ، تقول : " النساءُ قامت " ، إلا أنَّه شَذَّ حذف تاء التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث . وقرأ عبد الله وهي في مصحفه كذلك " فالصوالحُ قوانتٌ حوافظٌ " بالتكسير . قال ابن جني : " وهي أشبهُ بالمعنى لإِعطائها الكثرةَ ، وهي المقصودةُ هنا " ، يعني أنَّ فواعل من جموع الكثرة ، وجمعُ التصحيحِ جمعُ قلة ما لم يَقْتَرِنْ بالألفِ واللام . وظاهرُ عبارة أبي البقاء أنه للقلة وإن اقترن بـ " أل " فإنه قال : " وجَمْعُ التصحيح لا يَدُلُّ على الكثرة بوضعه ، وقد استُعْمل فيها كقوله تعالى : { وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } [ سبأ : 37 ] . وفيما قاله أبو الفتح وأبو البقاء نظرٌ ، فإنَّ " الصالحات " في القراءة المشهورة معرفةٌ بأل ، وقد تقدَّم أنه تكونُ للعموم ، إلا أنَّ العمومَ المفيدَ للكثرةِ ليس مِنْ صيغةِ الجمع ، بل من " أل " ، وإذا ثبت أن الصالحات جمعُ كثرة لزم أن يكون " قانتات " و " حافظات " للكثرة لأنه خبرٌ عن الجميع ، فيفيدُ الكثرة ، ألا ترى أنك إذا قلت : " الرجال قائمون " لَزِم أن يكونَ كلُّ واحدٍ من الرجال قائماً ، ولا يجوز أن يكون بعضهم قاعداً ، فإذاً القراءة الشهيرة وافية بالمعنى المقصود . قوله : { فِي ٱلْمَضَاجِعِ } فيه وجهان ، أحدهما : أن " في " على بابها من الظرفية متعلقة بـ " اهجروهن " أي : اتركوا مضاجعتهن أي : النومَ معهن دونَ كلامِهن ومؤاكلتهن . والثاني : أنها للسبب قال أبو البقاء : " واهجروهُنَّ بسبب المضاجع كما تقول : " في هذه الجنايةِ عقوبةٌ " وجَعَل مكي هذا الوجه متعيناً ، ومنع الأول ، قال : " ليس " في المضاجع " ظرفاً للهجران ، وإنما هو سبب لهجران التخلف ، ومعناه : فاهجروهن من أجلِ تخلُّفِهِنَّ عن المضاجعة معكم " . وفيه نظرٌ لا يَخْفى , وكلامُ الواحدي يُفْهِم أَنه يجوز تعلُقه بـ " نشوزهن " فإنه قال بعدما حكى عن ابن عباس كلاماً ـ : " والمعنى على هذا : واللاتي تخافون نشوزهن في المضاجع " ، والكلامُ الذي حكاه عن ابن عباس هو قوله : " هذا كلُّه في المضجع إذا هي عَصَتْ أن تضطجع معه " ولكن لا يجوزُ ذلك ؛ لئلا يلزَم الفصلُ بين المصدر ومعموله بأجنبي . وقَدَّر بعضُهم معطوفاً بعد قوله : " واللاتي تخافون " أي : واللاتي تخافون نشوزهن ونَشَزْنَ ، كأنه يريد أن لا يجوز الإِقدامُ على الوعظ وما بعده بمجردِ الخوفِ . وقيل : لا حاجةَ إلى ذلك ؛ لأن الخوفَ بمعنى اليقين ، وقيل : غلبةُ الظنِّ في ذلك كافية / . قوله : { فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } في نصب " سبيلا " وجهان ، أحدهما : أنه مفعولٌ به ، والثاني : أنه على إسقاط الخافض ، وهذان الوجهان مبنيان على تفسير البغي هنا ما هو ؟ فقيل : هو الظلم من قوله : { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } [ القصص : 76 ] ، فعلى هذا يكون لازماً ، و " سبيلاً " منصوبٌ بإسقاط الخافض أي : بسبيل . وقيل : هو الطلب من قولهم : بَغَيْتُه أي طلبته . وفي " عليهن " وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " تبغوا " . والثاني : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من " سبيلاً " لأنه في الأصل صفةُ النكرة قُدِّم عليها .