Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 36-36)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } : تقدَّم نظيرتها في البقرة ، إلا أنَّ هنا قال : { وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } بإعادة الباء ، وذلك لأنها في حَقِّ هذه الأمةِ فالاعتناءُ بها أكثرُ ، وإعادةُ الباءِ يَدُلُّ على زيادة تأكيد فناسب ذلك هنا بخلافِ آية البقرة فإنها في حق بني إسرائيل . وقرأ ابن أبي عبلة " إحسانٌ " بالرفع ، على أنه مبتدأٌ وخبرُه الجار قبله ، والمرادُ بهذه الجملةِ الأمرُ بالإِحسان وإن كانت خبريةً كقوله : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } [ يوسف : 83 ] . قوله : { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } الجمهورُ على خفضِ " الجار " والمراد به القريبُ النسب ، وبالجارِ الجَنْبِ البعيدُ النسب . وعن ميمون بن مهران : " والجارِ ذي القربىٰ أريد به الجار القريب " قال ابن عطية : " وهذا خطأٌ لأنه على تأويله جمع بين " أل " والإِضافة ، إذ كان وجه الكلام " وجارِ ذي القربى " . ويمكنُ تصحيحُ كلام ابن مهران على أن " ذي القربى " بدلٌ من " الجار " على حذف مضاف أي : والجار جارِ ذي القربى كقوله : @ 1579ـ نَضَر اللهُ أعظماً دفنوها بسجستانَ طلحةِ الطَّلَحاتِ @@ أي : أعظمَ طلحة ، ومِنْ كلامهم : " لو يعلمون : العلمُ الكبيرةِ سنةٌ " أي : علم الكبيرة سنة ، فحَذَف البدلَ لدلالةِ الكلام عليه . وقرأ بعضُهم : " والجارَ ذا القربى " نصباً . وخَرَّجه الزمخشري على الاختصاص كقوله : { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } [ البقرة : 238 ] . والجُنُب صفةٌ على فُعُل نحو : ناقة سُرُح ، ويستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع مذكراً ومؤنثاً نحو : رجال جُنُب ، قال تعالى : { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً } [ المائدة : 6 ] ، وبعضُهم يُثَنِّيه ويجمعه ، ومثله : شُلُل . وعن عاصم : " والجار الجَنْب " بفتح الجيم وسكون النون ، وهو وصفٌ أيضاً بمعنى المجانب كقولهم : رجلٌ عَدْل وألفُ الجار عن واو لقولهم : تجاوروا وجاوَرْتُه ، ويُجمع على جِيرة وجيران . والجَنابة : البُعْد . قال : @ 1580ـ فلا تَحْرِمَنِّي نائلاً عن جَنابةٍ فإني أمرؤٌ وَسْطَ القِبابِ غريبُ @@ لأنَّ الإِنسان يُتْركُ جانباً ، ومنه : { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ } [ إبراهيم : 35 ] . قوله : { بِٱلجَنْبِ } يجوز في الباء وجهان : أحدهما : أن تكون بمعنى " في " . والثاني : أن تكونَ على بابها وهو الأولى ، وعلى كلا التقديرين تتعلَّق بمحذوف لأنها حال من الصاحب . و { وَمَا مَلَكَتْ } يجوز أن يريد غيرَ العبيد والإِماء بـ " ما " ، حَمْلاً على الأنواع كقوله : { مَا طَابَ لَكُمْ } [ النساء : 3 ] وأن يكونَ أُريدَ جميعُ ما ملكه الإِنسان من الحيواناتِ فاختلط العاقل بغيره فأتى بـ " ما " .