Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 40-40)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } : فيه وجهان ، أحدهما : أنه منصوب على أنه نعتٌ لمصدر محذوف أي : لا يَظْلم أحداً ظلماً وزنَ ذرة ، فحذف المفعول والمصدر وأقام نعتَه مُقامه . ولما ذكر أبو البقاء هذا الوجهَ قَدَّر قبله مضافاً محذوفاً قال : " تقديرُه : ظلماً قَدْرَ مثقالِ ذرة ، فَحَذَفَ المصدرَ وصفته ، وأقام المضافَ إليه مُقامهما " . ولا حاجة إلى ذلك لأنَّ المثقالَ نفسَه هو قَدْر من الأقدار ، جُعِل معياراً لهذا القَدْر المخصوصِ . والثاني : أنه منصوب على أنه مفعول ثان لـ " يَظْلم " والأول محذوف ، كأنهم ضَمَّنوا " بظلم " معنى " بغضب " و " بنقص " فَعَدَّوه لاثنين ، والأصل : إنَّ الله لا يظلم أحداً مثقال ذرة . قوله : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً } حُذِفت النون تخفيفاً لكثرة الاستعمال ، وهذه قاعدة كلية ، وهو أنه يجوز حذفُ نون " يكون " مجزومةً ، بشرطِ ألاَّ يليَها ضميرٌ متصل نحو : " لَم يَكُنْه " وألاَّ تُحَرَّك النون لالتقاء الساكنين نحو : { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ البينة : 1 ] خلافاً ليونس ، فإنه أجاز ذلك مستدلاً بقوله : @ 1583ـ فإنْ لم تَكُ المِرْآةُ أَبْدَتْ وَسامةً فقد أَبْدَتِ المرآةُ جَبْهَةَ ضَيْغَمِ @@ وهذا عند سيبويه ضرورةٌ ، وإنما حُذفت النون لغُنَّتِها وسكونها فأشبهت الواو ، وهذا بخلاف سائر الأفعال نحو : " لم يَضِنَّ " و " لم يَهُنْ " لكثرة استعمال " كان " ، وكان ينبغي أن تعود الواو عند حَذْفِ هذه النون ؛ لأنها إنما حُذِفَتْ لالتقاء الساكنين وقد زال ثانيهما وهو النونُ إلا أنها كالملفوظ بها . وقرأ الجمهور " حسنةً " نصباً على خبر " كان " الناقصة ، واسمها مستتر فيها يعود على " مثقال " وإنما أَنَّث ضميرَه حملاً على المعنى ؛ لأنه بمعنى : وإنْ تكن زنةَ ذرة حسنة ، أو لإِضافته إلى مؤنث فاكتسب منه التأنيث . وقرأ ابن كثير ونافع " حسنة " رفعاً على أنها التامة أي : وإنْ تقع أو توجد حسنة . وقرأ ابن كثير وابن عامر : " يُضَعِّفْها " بالتضعيف ، والباقون " يضاعفها " . قال أبو عبيدة : " ضاعفه " يقتضي مراراً كثيرة ، و " ضَعَّفَ " يقتضي مرتين ، وهذا عكسُ كلام العرب ؛ لأن المضاعفة تقتضي زيادة المثل ، فإذا شدَّدْتَ دَلَّت البُنْية على التكثير ، فيقتضي ذلك تكرير المضاعفة بحسَبِ ما يكون من العدد . وقال الفارسي : " هما لغتان بمعنًى ، يدل عليه قولُه { نُضَعِّفْ لَهَا ٱلْعَذَابَ ضِعْفَيْنِ } [ الأحزاب : 30 ] { فَيُضَعِّفُهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] وقد تقدم لنا الكلام على هذا بأبسطَ منه هنا . وقرأ ابن هرمز : " نضاعِفْها " بالنون ، وقرىء " يُضْعِفْها " بالتخفيف مِنْ أضعفه مثل أكرم . قوله : { مِن لَّدُنْهُ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " يُؤْتِ " و " من " للابتداء مجازاً . والثاني : يتعلَّق بمحذوف على أنه حال من " أجراً " فإنه صفةُ نكرةٍ في الأصلِ قُدِّم عليها فانتصب حالاً .