Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 10-10)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ تُدْعَوْنَ } : منصوبٌ بمقدرٍ ، يَدُلُّ عليه هذا الظاهرُ ، تقديرُه : مَقْتِكم إذ تُدْعَوْن . وقَدَّره بعضُهم : اذكُروا إذْ تُدْعَوْن . وجَوَّز الزمخشريُّ أَنْ يكونَ منصوباً بالمَقْتِ الأول . ورَدَّ عليه الشيخُ : بأنَّه يَلْزَمُ منه الفَصْلُ بين المصدرِ ومعمولِه بأجنبيّ وهو الخبرُ . وقال : " هذا مِنْ ظواهرِ علمِ النحوِ التي لا تكاد تَخْفَى على المبتَدِئ فَضْلاً عَمَّنْ يُدْعَى من العجم أنه شيخُ العربِ والعَجَم " . قلت : مثلُ هذا لا يَخْفى على أبي القاسم ، وإنما أراد أنه دالٌّ على ناصبِه ، وعلى تقديرِ ذلك فهو مذهبٌ كوفيٌّ قال به ، أو لأنَّ الظرفَ يُتَّسَعُ فيه ما لا يُتَّسَعُ في غيره . وأيُّ غُموضٍ في هذا حتى يُنْحِي عليه هذا الإِنْحاءَ ؟ ولله القائلُ : @ 3915 حَسَدُوا الفتى إذ لم يَنالُوا سَعْيَه فالقومُ أعداءٌ له وخُصومُ كضَرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لِوَجْهها كَذِباً وزُوْراً إنه لدَمِيمُ @@ وهذا الردُّ سبقه إليه أبو البقاء ، فقال : " ولا يجوزُ أن يَعْمَلَ فيه " مَقْتُ الله " لأنه مصدرٌ أُخْبِرَ عنه ، وهو قولُه : " أكبرُ " . فمِنْ ثَمَّ أَخَذه الشيخُ . ولا يجوزُ أَنْ ينتصِبَ بالمَقْتِ الثاني ؛ لأنهم لم يَمْقُتوا أنفسَهم وَقْتَ دعائِهم إلى الإِيمان ، إنما مَقَتُوها يومَ القيامةِ . والظاهرُ أنَّ مَقْتَ اللَّهِ واقعٌ في الدنيا . وجَوَّزَ الحسنُ أَنْ يكون في الآخرة . وضَعَّفه الشيخُ : بأنه " يَبْقى " إذْ تُدْعَوْن " مُفْلَتاً من الكلامِ ؛ لكونِه ليس له عاملٌ مقدمٌ ولا ما يُفَسِّر عاملاً . فإذا كان المَقْتُ في الدنيا أَمْكَنَ أَنْ يُضْمَرَ له عاملٌ تقديرُه : مَقْتِكم " . قلت : وهذا التجرُّؤُ على مثلِ الحسنِ يُهَوِّنُ عليك تَجَرُّؤَه على الزمخشريِّ ونحوهِ . واللامُ في " لَمَقْتُ " لامُ ابتداءٍ أو قسمٍ . ومفعولُه محذوفٌ أي : لمقتُ اللَّهِ إياكم أو أنفسَكم ، فهو مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه كالثاني . ولا يجوزُ أَنْ تكون المسألةُ من بابِ التنازع في " أنفسَكم " بين المقتَيْن لئلا يَلزمَ الفصلُ بالخبرِ بين المَقْتِ الأول ومعمولِه على تقديرِ إعمالِه ، لكنْ قد اختلف النحاةُ في مسألةٍ : وهي التنازعُ في فِعْلَيْ التعجب ، فَمَنْ مَنَعَ اعتَلَّ بما ذكرْتُه ؛ لأنه لا يُفْصَلُ بين فعلِ التعجبِ ومعمولِه . ومَنْ جَوَّزَ قال : يُلتزم إعمالُ الثاني ؛ حتى لا يَلْزَمَ الفَصْلُ . فليكُنْ هذا منه . والحقُّ عدمُ الجوازِ فإنَّه على خلافِ قاعدةِ التنازع .