Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 28-28)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } : يُحتمل أَنْ يكونَ متعلِّقاً بـ " يَكْتُمُ " بعده أي : يكتمه مِنْ آلِ فرعون . والثاني : - وهو الظاهرُ - أنَّه متعلق بمحذوفٍ صفةً لرجل . وجاء هنا على أحسنِ ترتيبٍ : حيث قَدَّمَ المفردَ ثم ما يَقْرُبُ منه وهو حرفُ الجرِّ ، ثم الجملةَ . وقد تقدم إيضاحُ هذه المسألةِ في المائدةِ وغيرِها . ويترتَّبُ على الوجهين : هل كان هذا الرجلُ مِنْ قَرابَةِ فرعونَ ؟ فعلى الأولِ لا دليلَ فيه ، وعلى الثاني فيه دليلٌ . وقد رَدَّ بعضُهم الأولَ : بأنه لا يُقال : كَتَمْتُ مِنْ فلانٍ كذا ، إنما يقال : كَتَمْتُ فلاناً كذا ، فيتعدَّى لاثنين بنفسِه . قال تعالى : { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [ النساء : 42 ] . وقال الشاعر : @ 3925 كَتَمْتُكَ هَمَّاً بالجَمومَيْنِ ساهِراً وهَمَّيْن هَمَّاً مُسْتَكِنَّاً وظاهراً أحاديثَ نَفْسٍ تشتكي ما برَبِّها ووِرْدَ هُمومٍ لَنْ يَجِدْنَ مَصادِرا @@ أي : كتمتُك أحاديثَ نفسٍ وهَمَّيْن ، فقدَّم المعطوفَ على المعطوفِ عليه ، ومحلُّه الشعرُ . قوله : { أَن يَقُولَ رَبِّيَ } أي : كراهةَ أَنْ يقولَ أو لأَنْ يقولَ . والعامَّةُ على ضَمِّ عين " رَجُل " وهي الفصحى . والأعمش وعبد الوارث على تسكينها ، وهي لغةُ تميمٍ ونجد . وقال الزمخشري : " ولك أَنْ تُقَدِّرَ مضافاً محذوفاً أي : وقت أَنْ يقولَ . والمعنى : أتقتلونه ساعةَ سَمِعْتم منه هذا القولَ من غير رَوِيَّةٍ ولا فِكْرٍ " . وهذا الذي أجازه رَدَّه الشيخ : بأنَّ تقديرَ هذا الوقتِ لا يجوزُ إلاَّ مع المصدرِ المُصَرَّحِ به تقول : جِئْتُكَ صياحَ الدِّيْكِ أي : وقتَ صِياحِه ، ولو قلت : أجيْئُك أنْ صاحَ الديكُ ، أو أَنْ يصيحَ ، لم يَصِحَّ . نصَّ عليه النحويون . قوله : " وقد جاءَكم " جملةٌ حالية يجوز أَنْ تكونَ من المفعول . فإنْ قيلَ : هو نكرةٌ . / فالجوابُ : أنه في حيِّزِ الاستفهام وكلُّ ما سَوَّغ الابتداءَ بالنكرةِ سَوَّغ انتصابَ الحال عنها . ويجوز أَنْ يكونَ حالاً من الفاعل . قوله : { بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ } " بعض " على بابِها ، وإنما قال ذلك ليهضِمَ موسى عليه السلام بعضَ حقه في ظاهرِ الكلام ، فيُرِيَهم أنه ليس بكلامِ مَنْ أعطاه حقه وافياً فَضْلاً أَنْ يتعصَّبَ له ، قاله الزمخشري . وهذا أَحسنُ مِنْ قولِ غيرِه : إنَّها بمعنى كل ، وأنشدوا قولَ لبيد : @ 3926 تَرَّاكُ أَمْكنةٍ إذا لم يَرْضَها أو يَرْتَبِطْ بعضُ النفوسِ حِمامُها @@ وأنشدوا قولَ عمرو بن شُيَيْم : @ 3927 قد يُدْرِكُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه وقد يكونُ مع المستعجِلِ الزَّلَلُ @@ وقول الآخر : @ 3928 إنَّ الأمورَ إذا الأحداثُ دَبَّرها دون الشيوخِ ترى في بعضِها خَلَلا @@ ولا أدري كيف فَهِموا الكلَّ من البيتين الأخيرين ؟ وأَمَّا الأولُ ففيه بعضُ دليلٍ ؛ لأنَّ الموتَ يأتي على الكلِّ . ولَمَّا حكى هذا الزمخشريُّ عن أبي عبيدة ، وأنشد عنه بيتَ لبيدٍ قال : " إن صَحَّتِ الروايةُ عنه فقد حَقَّ فيه قولُ المازني في مسألة العَلْقى : " كان أَجْفَى مِنْ أن يفقهَ ما أقولُ له " . قلتُ : ومسألةُ المازني معه أنَّ أبا عبيدةَ قال للمازني : " ما أكذبَ النحويين ! ! يقولون : هاءُ التأنيثِ لا تدخل على ألفِ التأنيثِ وأن الألفَ في " عَلْقَى " مُلْحقة . قال : فقلت له : وما أنكرْتَ من ذلك ؟ فقال : سَمِعْتُ رؤبةَ يُنْشِد : @ 3929 يَنْحَطُّ في عَلْقَى وفي مُكُوْرِ @@ فلم يُنَوِّنْها . فقلتُ : ما واحدُ عَلْقى ؟ قال : عَلْقاةٌ . قال المازني : فامتنعْتُ ولم أُفَسِّرْ له لأنه كان أَغْلظَ مِنْ أَنْ يفهمَ مثلَ هذا " قلت : وإنما استغلظَه المازنيُّ ؛ لأنَّ الألفَ التي للإِلحاق تَدْخُل عليها تاءُ التأنيثِ دالةً على الوَحْدة فيقال : أَرْطى وأَرْطاة ، وإنما الممتنعُ دخولُها على ألفِ التأنيثِ نحو : دَعْوى وصَرْعى . وأمَّا عدمُ تنوين " عَلْقَى " فلأنَّه سَمَّى بها شيئاً بعينِه [ وألفُ الإِلحاقِ المقصورةُ حالَ العلميَّة تَجْري مَجْرى تاءِ التأنيث فيمتنعُ الاسمُ الذي هي فيه ، كما تمتنعُ فاطمة . وتَنْصَرِفُ قائمة ] .