Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 36-36)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَن يَعْشُ } : العامَّة على ضم الشين مِن عشا يعشو أي : يتعامى ويتجاهل . وقتادة ويحيى بن سلام " يَعْشَ " بفتحها بمعنى يَعْمَ . وزيد بن علي " يَعْشو " بإثبات الواو . قال الزمخشري : " على أنّ " مَنْ " موصولة وحَقُّ هذا أن يقرأَ نقيضُ بالرفع " . قال الشيخ : " ولا تتعيَّنُ موصوليتُها بل تُخَرَّج على وجهين : إمَّا تقديرِ حذفِ حركةِ حرفِ العِلة ، وقد حكاها الأخفش لغةً ، وتقدَّم منه في سورةِ يوسفَ شواهدُ ، وإمَّا على أنه جزمٌ بـ " مَنْ " الموصولة تشبيهاً لها بـ " مَنْ " الشرطيةِ " . قال : " وإذا كانوا قد جَزَموا بـ " الذي " ، وليس بشرطٍ قط فأَوْلَى بما اسْتُعْمِلَ شرطاً وغيرَ شرطٍ . وأنشد : @ 3993 ولا تَحْفِرَنْ بِئْراً تُريد أخاً بها فإنّك فيها أنت مِنْ دونِه تقَعْ كذاكَ الذي يَبْغي على الناسِ ظالماً يُصِبْه على رَغْمٍ عواقبُ ما صَنَعْ @@ / قال : " وهو مذهبُ الكوفيين ، وله وَجْهٌ من القياسِ : وهو أنَّ " الذي " أَشْبَهَتْ اسمَ الشرطِ في دخولِ الفاءِ في خبرِها ، فتُشْبِهُ اسمَ الشرطِ في الجزم أيضاً . إلاَّ أنَّ دخولَ الفاءِ منقاسٌ بشرطِه ، وهذا لا ينقاسُ " . ويقال : عَشا يَعْشُو ، وعَشِي يَعْشَى . فبعضُهم جعلهما بمعنىً ، وبعضُهم فَرَّقَ : بأنَّ عَشِيَ يَعْشَى إذا حَصَلَتْ الآفَةُ من بَصَرَه ، وأصلُه الواوُ وإنما قُلِبَتْ ياءً لانكسارِ ما قبلها كرضِيَ يَرْضى وعَشَا يَعْشُو أي : تفاعَل ذلك . ونَظَرَ نَظَرَ العَشِي ولا آفَةَ ببصرِه ، كما قالوا : عَرَجَ لمَنْ به آفةُ العَرَجِ ، وعَرُجَ لمَنْ تعارَجَ ، ومَشَى مِشْيَةَ العُرْجان . قال الشاعر : @ 3994 أَعْشُو إذا ما جارتي بَرَزَتْ حتى يُوارِيْ جارتي الخِدْرُ @@ أي : أنظرُ نَظَرَ الَعَشِي . وقال آخر : @ 3995 متى تَأْتِه تَعْشُوا إلى ضَوْءِ نارِه تَجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوْقِدِ @@ أي : تَنْظُرُ نَظَرَ العشِي لضَعْفِ بصرِه مِنْ كثرةِ الوَقودِ . وفَرَّق بعضُهم : بأنَّ عَشَوْتُ إلى النارِ إذا اسْتَدْلَلْتَ عليها بنظرٍ ضعيفٍ وقيل : وقال الفراء : " عَشا يَعْشى يُعْرِض ، وعَشِي يَعْشَى عَمِيَ " . إلاَّ أنَّ ابن قتيبة قال : " لم نَرَ أحداً حكى عَشَوْتُ عن الشيء : أَعْرَضْتُ عنه ، وإنما يقال : تعاشَيْتُ عن كذا إذا تغافَلْتَ عنه وتعامَيْتَ " . وقرأ العامَّةُ " نُقَيِّضْ " بنونِ العظمةِ . وعلي بن أبي طالب والأعمش ويعقوبُ والسلميُّ وأبو عمروٍ وعاصمٌ في روايةٍ عنهما " يُقَيِّضْ " بالياء من تحت أي : يُقَيِّض الرحمنُ . و " شيطاناً " نصبٌ في القراءتين . وابن عباس " يُقَيَّضْ " مبنياً للمفعول ، " شيطانٌ " بالرفع ، قائمٌ مقامَ الفاعلِ .