Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 81-81)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ } : قيل : هي شرطيةٌ على بابِها . واخْتُلِفَ في تأويلِه فقيل : إنْ صَحَّ ذلك فأنا أولُ مَنْ يَعْبُده لكنه لم يَصِحَّ البتةَ بالدليلِ القاطعِ ، وذلك أنَّه عَلَّق العبادةَ بكيْنونة الولدِ ، وهي مُحالٌ في نفسِها ، فكان المُعَلَّقُ بها مُحالاً مثلَها ، فهو في صورةِ إثباتِ الكينونةِ والعبادةِ ، وفي معنى نَفْيهِما على أَبْلغِ الوجوهِ وأَقْواها ، ذكره الزمخشريُّ . وقيل : إن كان له ولدٌ في زَعْمِكم . وقيل : العابدين بمعنى : الآنفين . مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ إذا اشْتَدَّ أَنَفَةً فهو عَبِدٌ وعابِدٌ . ويؤيِّدُه قراءةُ السُّلَميِّ واليماني " العَبِدين " دون ألفٍ . وحكى الخليل قراءةً غريبةً وهي " العَبْدِيْن " بسكون الباءِ ، وهي تخفيفُ قراءةِ السُّلَمي فأصلها الكسرُ . قال ابنُ عرفة : " يقال : عَبِدَ بالكسر يَعْبَد بالفتح فهو عَبِد ، وقلَّما يقال : عابِد ، والقرآن لا يجيْءُ على القليلِ ولا الشاذِّ " . قلتُ : يعني فتخريج مَنْ قال : إنَّ العابدين بمعنى الآنفين لا يَصِحُّ ، ثم قال كقول مجاهد . وقال الفرزدق : @ 4010 أولئك آبائي فجِئْني بمثْلِهم وأَعْبَدُ أنْ أَهْجُوْ كُلَيْباً بدارِمِ @@ أي : آنَفُ . وقال آخر : @ 4011 متى ما يَشَأْ ذو الوُدِّ يَصْرِمْ خليلَه ويُعْبَدْ عليه لا مَحالةَ ظالما @@ وقال أبو عبيدة : " معناه الجاحِدين " . يقال : عَبَدَني حَقِّي أي : جَحَدنيه . وقال أبو حاتم : " العَبِدُ بكسر الباءِ : الشديدُ الغَضَبِ " ، وهو معنى حسنٌ أي : إنْ كان له ولدٌ على زَعْمِكم فأنا أولُ مَنْ يَغْضَبُ لذلك . وقيل : " إنْ " نافيةٌ أي : ما كان ، ثم أَخْبَرَ بقولِه : { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } وتكونُ الفاءُ سببيةً . ومنع مكي أَنْ تكونَ نافيةً قال : " لأنه يُوْهِمُ أنَّك إنما نَفَيْتَ عن الله الولدَ فيما مضى دونَ ما هو آتٍ ، وهذا مُحالٌ " . وقد رَدَّ الناسُ على مكيّ ، وقالوا : كان قد تَدُلُّ على الدوامِ كقوله : { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء : 96 ] إلى ما لا يُحْصَى ، والصحيحُ من مذاهبِ النحاةِ : أنها لا تدُلُّ على الانقطاعِ ، والقائلُ بذلك يقولُ : ما لم يكنْ قرينة كالآياتِ المذكورةِ . وتقدَّمَ الخلافُ في قراءَتَيْ : وَلَد ووُلْد في مريم .