Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 41-41)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ } : قد تقدَّم أنَّ " يحزن " يُقرأ بفتحِ الياءِ وضَمِّها وأنهما لغتان ، وهل هما بمعنًى أو بينهما فرقٌ ؟ والنهيُ للذين في الظاهر وهو من بابِ قوله : " لا أُرَيَنَّكَ ههنا " أي : لا تتعاطَ أسباباً يحصُل لك بها حزنٌ من جهتهم ، وتقدم لك تحقيق ذلك مراراً ، وقول أبي البقاء في " يحزنك " : " والجيد فتح الياء وضم الزاي ، ويُقرأ بضم الياء وكسر الزاي من أحزنني وهي لغة " ليس بجيد ، لأنها قراءةٌ متواترةٌ ، وقد تقدَّم دليلها في آل عمران و " يُسارعون " من المسارعة ، و " في الكفر " متعلق بالفعل قبله ، وقد تقدَّم نظيرُها في آل عمران . قوله : { مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ } يجوز أَنْ يكونَ حالاً من الفاعل في " يُسارعون " أي : يُسارعون حالَ كونِهم / بعضَ الذين قالوا ، ويجوز أن يكونَ حالاً من نفس الموصول وهو قريبٌ من معنى الأول ، ويجوز أن تكونَ " مِنْ " بياناً لجنس الموصول الأول وكذلك " مِنْ " الثانية ، فتكون تبييناً وتقسيماً للذين يُسارعون في الكفر ، ويكون " سَمَّاعون " على هذا خبرَ مبتدأ محذوف . و " آمنَّا " منصوبٌ بـ " قالوا " وبـ " أفواههم " متعلق بـ " قالوا " لا بـ " آمنًّا " بمعنى أنه لم يُجَاوِزْ قولُهم أفواهَهم ، إنما نطقوا به غيرَ معتقدين له بقلوِبهم وقوله : { وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } جملةٌ حالية . قوله : { وَمِنَ ٱلَّذِينَ هِادُواْ } فيه وجهان ، أحدُهما : ما تقدم ، وهو أن يكونَ معطوفاً على " من الذين قالوا " بياناً وتقسيماً . والثاني : ان يكونَ خبراً مقدماً ، و " سَمَّاعون " مبتدأ والتقدير : " ومن الذين هادوا قومٌ سَمَّاعون " فتكونُ جملةً مستأنفة ، إلا أنَّ الوجه الأول مُرَجَّح بقراءة الضحاك : " سَمَّاعين " على الذم بفعل محذوف ، فهذا يدل على أن الكلامَ ليس جملةً مستقلة ، بل قوله : { وَمِنَ ٱلَّذِينَ هِادُواْ } عطفٌ على " من الذين قالوا " . وقوله " سَمَّاعون " مثال مبالغة ، و " للكذب " فيه وجهان ، أحدُهما أن اللامَ زائدةٌ ، و " الكذب " هو المفعول ، أي : سَمَّاعون الكذب ، وزيادةُ اللامِ هنا مطردةٌ لكونِ العاملِ فَرْعاً فَقَوِي باللام ، ومثلُه : { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ هود : 107 ] . والثاني : على بابها من التعليل ، ويكون مفعول " سَمَّاعون " محذوفاً ، أي : سَمَّاعون أخباركم وأحاديثم ليكذبوا فيها بالزيادةِ والنقصِ والتبديلِ بأَنْ يُرْجِفوا بقتل المؤمنين في السرايا كما نُقِل من مخازيهم . وقوله : { سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ } يجوز ان تكون هذه تكريراً للأولى ، فعلى هذا يجوز أَنْ يتعلَّقَ قولُه " لقوم " بنفس الكذب أي : يَسْمعون ليكذبوا لأجل قوم ، ويجوزُ أن تتعلق اللام بنفس " سَمَّاعون " أي : سَمَّاعون لأجلِ قومٍ لم يأتوك لأنهم لبغضِهم لا يقربون مجلسَك وهم اليهودُ ، و " لم يأتوك " في محلِّ جرٍّ لأنه صفة لـ " قوم " . قوله : { يُحَرِّفُونَ } يجوز أن يكونَ صفةً لـ " سَمَّاعون " أي : سَمَّاعون مُحَرِّفون ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في " سَمَّاعون " ويجوز أن يكون مستأنفاً لا محل له ، ويجوز أن يكونَ خبر مبتدأ محذوف أي : هم مُحَرِّفون ، ويجوزُ أَنْ يكونَ في محلِّ جر صفة لـ " قوم " أي : لقوم محرفين . و " من بعد مواضعِه " قد أتقنته في النساء و " يقولون " كـ " يحرفون " ويجوز أن يكون حالاً من ضمير " يحرفون " . والجملة الشرطية من قوله : { إِنْ أُوتِيتُمْ } مفعولةٌ بالقول ، و " هذا " مفعولٌ ثان لأوتيتم ، والأول قائمٌ مقامَ الفاعل ، والفاءُ جوابُ الشرطِ وهي واجبةٌ لعدم صلاحيةِ الجزاء لأن يكونَ شرطاً ، وكذلك الجملةُ من قوله : { وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ } وقوله : { وَمَن يُرِدِ } " مَنْ " مفعول مقدم وهي شرطية . وقوله : { فَلَن تَمْلِكَ } جوابه ، والفاء أيضاً واجبةٌ لما تقدم ، و " شيئاً " مفعولٌ به أو مصدر . و " من الله " متعلقٌ بـ " تملكَ " ، وقيل : هو حالٌ من " شيئاً " لأنه صفتُه في الأصل . قوله : { أُوْلَـٰئِكَ } مبتدأ ، و { لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ } جملة فعلية خبره .