Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 13-13)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { يَوْمَ يَقُولُ } : بدلٌ مِنْ " يومَ ترى " أو معمولٌ لـ " اذْكُر " . وقال ابن عطية : " ويظهرُ لي أنَّ العاملَ فيه { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ويجيء معنى الفوز أفخم ، كأنه يقول : إن المؤمنين يفوزون بالرحمةِ يومَ يَعْتري المنافقين كذا وكذا ؛ لأنَّ ظهورَ المرءِ يومَ خمولِ عَدُوِّه ومُضادِّه أبدعُ وأفخمُ " . قال الشيخ : " وظاهرُ كلامِه وتقديرِه أنَّ " يومَ " معمولٌ للفوز . وهو لا يجوزُ ، لأنه مصدرٌ قد وُصِفَ قبلَ أَخْذِ متعلَّقاته فلا يجوزُ إعمالُه ، فلو أُعْمِل وصفُه لجاز ، أي : الذي عَظُمَ قَدْرُه يومَ " . قلت : وهذا الذي قاله ابنُ عطية صَرَّح به مكي فقال : " ويومَ ظرفٌ العاملُ فيه ذلك الفوزُ ، أو هو بدلٌ من " اليوم " الأول " . قوله : { خَالِدِينَ } [ الحديد : 12 ] نصبٌ على الحالِ العاملُ فيها المضافُ المحذوف إذ التقديرُ : بُشْراكم دخولُكم جناتٍ خالدين فيها ، فحذف الفاعلَ وهو ضميرُ المخاطبِ ، وأُضيف المصدرُ لمفعولِه فصار : دخولُ جنات ، ثم حُذِف المضافُ وقام المضافُ إليه مَقَامَه في الإِعراب ، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ " بُشْراكم " هو العاملَ فيها ؛ لأنه مصدرٌ قد أُخْبر عنه قبل ذِكْرِ متعلَّقاتِه ، فيلزَمُ الفصلُ بأجنبي . وظاهرُ كلامِ مكي أنه عاملٌ في الحالِ فإنَّه قال : " خالدين نصبٌ على الحالِ من الكاف والميم " والعاملُ في الحالِ هو العاملُ في صاحِبها فَلَزِمَ أَنْ يكونَ " بُشْراكم " هو العاملَ ، وفيه ما تقدَّمَ من الفصلِ بينَ المصدرِ ومعمولِه . قوله : { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } اللامُ للتبليغ . و " انْظُرونا " قراءةُ العامَّةِ " انظرونا " أَمْراً من النظر . وحمزة " أَنْظِرونا " بقطع الهمزة وكَسْر الظاء من الإِنْظار بمعنى الانتظار ، أي : انتظرونا لِنَلْحَقَ بكم فنستضيْءَ بنورِكم . والقراءةُ الأولى يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى هذه إذ يقال : نَظَره بمعنى انتظره ، وذلك أنه يُسْرَعُ بالخُلَّصِ إلى الجنَّة على نُجُبٍ ، فيقول المنافقون : انتظرونا لأنَّا مُشاة لا نَسْتطيع لُحوقَكم . ويجوزُ أَنْ يكونَ مِنْ النظر وهو الإِبصارُ لأنَّهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوهِهم فيضيءُ لهم المكانُ ، وهذا أليقُ بقولِه { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } قال معناه الزمخشري . إلاَّ أنَّ الشيخ قال : إنَّ النظرَ بمعنى الإِبْصار لا يتعدَّى بنفسِه إلاَّ في الشعر ، إنما يتعدَّى بنفسِه إلاَّ في الشعر ، إنما يتعدَّى بـ " إلى " / . قوله : { وَرَآءَكُمْ } فيه وجان ، أظهرُهما : أنه منصوبٌ بـ ارْجِعوا على معنى : ارْجِعوا إلى الموقفِ ، إلى حيث أُعطِينا هذا النورَ فالتمِسوه هناك ممَّنْ نقتبس ، أو ارْجِعوا إلى الدنيا فالتمِسوا نوراً بتحصيلِ سببِه وهو الإِيمانُ ، أو فارْجِعوا خائبين وتَنَحَّوْا عنا فالتمسُوا نوراً آخرَ ، فلا سبيلَ لكم إلى هذا النورِ . والثاني : أنَّ " وراءكم " اسمٌ للفعلِ فيه ضميرُ فاعلٍ ، أي : ارْجِعوا ارْجعوا ، قاله أبو البقاء ، ومنع أَنْ يكونَ ظَرْفاً لـ ارْجِعوا قال : لقلةِ فائدتِه لأنَّ الرجوعَ لا يكونُ إلاَّ إلى وراء . وهذا فاسدٌ ؛ لأنَّ الفائدةَ جليلةٌ كما تقدَّم شَرْحُها . قوله : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } العامَّةُ على بنائِه للمفعول . والقائمُ مَقامَ الفاعلِ يجوزُ أَنْ يكونَ " بسورٍ " وهو الظاهرُ ، وأَنْ يكونَ الظرفَ . وقال مكي : " الباءُ مزيدةٌ ، أي : ضُرِب سورٌ " ثم قال : " والباءُ متعلِّقةٌ بالمصدر ، أي : ضرباً بسُور " وهذا متناقضٌ ، إلاَّ أَنْ يكونَ قد غُلِط عليه من النُّسَّاخ ، والأصل " أو الباءُ متعلقةٌ بالمصدر " ، والقائمُ مقامَ الفاعلِ الظرفُ . وعلى الجملةِ هو ضعيفٌ . والسُّور : البناءُ المحيطُ . وتقدَّمَ اشتقاقُه أولَ البقرةِ . قوله : { لَّهُ بَابٌ } مبتدأ وخبرٌ في موضع جرٍّ صفةً لـ سُوْر . قوله : { بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ في موضعِ جرٍّ صفةً ثانيةً لـ " سُوْر " ، ويجوز أن تكونَ في موضع رفعٍ صفةً لـ " بابٌ " ، وهو أَوْلَى لقُرْبِه . والضميرُ إنما يعود على الأَقْرب إلاَّ بقرينةٍ . وقرأ زيد بن علي وعبيد بن عمير " فَضَرَبَ " مبنياً للفاعل وهو اللهُ أو المَلَكَ .