Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 2-2)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ } : قد تقدَّم الخلافُ في " يُظاهِرون " في سورةِ الأحزاب وكذا في " اللائي " فأَغْنَى عن إعادتِه هنا وأُبي هنا " يَتَظاهَرُون " وعنه أيضاً " يَتَظَهَّرُوْن " . وفي " الذين " وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأٌ ، وخبرُه قولُه : { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } . والثاني : أنَّه منصوبٌ بـ " بصير " على مذهبِ سيبويهِ في جوازِ إعمالِ فَعيل ، قاله مكي ، يعني أنَّ سيبويه يُعْمل فعيلاً من أمثلةِ المبالغةِ ، وهو مذهبٌ مَطْعونٌ فيه على سيبويِهِ ؛ لأنه استدلَّ على إعمالِه بقولِ الشاعر : @ 4238ـ حتى شآها كَليلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ باتَتْ طِراباً وبات الليلَ لم يَنَمِ @@ ورُدَّ عليه : بأنَّ " مَوْهِناً " ظرفُ زمانٍ ، والظروفُ تعملُ فيها روائحُ الأفعالِ . وللكلامِ في المسألةِ موضعٌ هو أليقُ به مِنْ هنا ولكنَّ المعنى يَأْبى ما قاله مكيٌّ . وقرأ العامَّةُ " أمَّهاتِهم " بالنصب على اللغة الحجازية الفصحى كقولِه : { مَا هَـٰذَا بَشَراً } [ يوسف : 31 ] وعاصم في روايةٍ بالرفعِ على اللغةِ التميميةِ ، وإنْ كانَتْ هي القياسَ لعدمِ اختصاصِ الحرفِ . وقرأ عبدُ الله " بأمَّهاتهم " بزيادة الباءِ ، وهي تحتمل اللغتين . وقال الزمخشري : " وزيادةُ الباء في لغة مَنْ ينصِبُ " . قلت : هذا هو مذهبُ أبي علي ، يرى أنَّ الباءَ لا تُزاد إلاَّ إذا كانَتْ " ما " عاملةً فلا تُزاد في التميمية ولا في الحجازيةِ إذا مَنَعَ مِنْ عملها مانعٌ نحو : " ما إنْ زيدٌ بقائمٍ " . وهذا مردودٌ بقولِ الفرزدق وهو تميمي : @ 4239ـ لَعَمْرُك ما مَعْنٌ بتارِكِ حقِّه ولا مُنْسِىءٌ مَعْنٌ ولا مُتَيَسِّرُ @@ وبقول الآخر : @ 4240ـ لَعَمْرُك ما إنْ أبو مالكٍ بواهٍ ولا بضعيفٍ قِواهْ @@ فزادها مع " ما " الواقع بعدها " إنْ " . قوله : { مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً } نعتان لمصدر محذوف أي : قولاً منكراً ، وزوراً أي : كذباً وبُهْتاناً قاله مكي وفيه نظرٌ ؛ إذ يصيرُ التقدير : ليقولون قولاً منكراً من القول ، فيصير قولُه " من القول " لا فائدةً فيه . والأَوْلَى أَنْ يُقال : نعتان لمعفولٍ محذوفٍ لفهم المعنى أي : ليقولونَ شيئاً مُنْكراً من القولِ لتفيدَ الصفة غيرَ ما أفاده الموصوفُ .