Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 2-2)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } : " مِنْ " يجوزُ أَنْ تكونَ للبيانِ ، فتتعلَّق بمحذوفٍ ، أي : أعني من أهل الكتاب . والثاني : أنها حالٌ من " الذين كفروا " . قوله : { مِن دِيَارِهِمْ } متعلق بـ " أَخْرَجَ " ومعناها ابتداءُ الغايةِ . وصَحَّتْ إضافةُ الديارِ إليهم لأنهم أَنْشَؤُوها . قوله : { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ } هذه / اللامُ تتعلقُ بـ " أَخْرَجَ " وهي لامُ التوقيتِ كقولِه : { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } [ الإسراء : 78 ] ، أي : عند أول الحشر . قال الزمخشري : " وهي اللامُ في قولِه تعالى : { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ الفجر : 24 ] وقولِك " جئتُ لوقْتِ كذا " . قلت : سيأتي الكلامُ على هذه اللامِ في الفجرِ ، إنْ شاءَ الله تعالى . قوله : { مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم } فيه وجهان ، أحدهما : أَنْ يكونَ " حصونُهم " مبتدأً ، و " مانِعَتُهم " خبرٌ مقدمٌ . والجملةُ خبر " أنهم " لا يُقال : لم لا يُقال : " مانِعَتُهم " مبتدأٌ ؛ لأنه معرفةٌ و " حصونُهم " خبرُه . ولا حاجةَ لتقديمٍ ولا تأخيرٍ ؛ لأنَّ القصدَ الإِخبارُ عن الحصون ، ولأنَّ الإِضافةَ غيرُ مَحْضَةٍ ، فهي نكرةٌ . والثاني : أَنْ يكونَ " مانِعَتُهم " خبرَ " أنهم " وحصونُهم " فاعلٌ به . نحو : إنَّ زيداً قائمٌ أبوه ، وإنَّ عَمْراً قائمةٌ جاريتُه . وجعله الشيخ أَوْلى ؛ لأنَّ في نحو : قائمٌ زيد على أَنْ يكونَ خبراً مقدماً ومبتدأً مؤخراً خلافاً والكوفيون يمنعونَه فمحلُّ الوِفاق أَوْلى . وقال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : أيُّ فَرْقٍ بين قولِك " وظنُّوا أنَّ حصونَهم تمنعُهم ، أو مانِعَتُهم ، وبين النظم الذي جاء عليه ؟ قلت : [ في ] تقديمِ الخبرِ على المبتدأ دليلٌ على فَرْطِ وُثوقِهم بحَصانتِها ومَنْعِها إياهم ، وفي تصييرِ ضميرِهم اسماً لـ " أنَّ " وإسناد الجملةِ إليه دليلٌ على اعتقادِهم في أنفسِهم أنَّهم في عِزَّةٍ ومَنَعَة لا يُبالى معها بأحد يَتَعرَّضُ لَهم ، وليس ذلك في قولك " حُصُونهم تَمْنعهم " انتهى . وهذا الذي ذكره إنما يَتأتَّى على الإِعرابِ الأولِ ، وقد تقدَّم أنه مَرْجوحٌ ، وتَسَلَّطَ الظنُّ هنا على " أنَّ " المشددةِ ، والقاعدةُ أنه لا يعملُ فيها ولا في المخففةِ منها إلاَّ فعلُ عِلْمٍ ويقينٍ ، إجراءً له مُجْرى اليقين لشدَّتِه وقوتِه وأنَّه بمنزلةِ العلم . قوله : { يُخْرِبُونَ } يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً للإِخبار به ، وأن يكونَ حالاً مِنْ ضميرِ " قلوبِهم " وليس بذاك . وقرأ أبو عمرو " يُخَرِّبون " بالتشديد وباقيهم بالتخفيفِ وهما بمعنى واحدٍ ؛ لأن خرَّب عَدَّاه أبو عمروٍ بالتضعيف ، وهم بالهمزة . وعن أبي عمروٍ أنه فَرَّق بمعنىً آخرَ فقال : " خرَّب بالتشديد : هَدَم وأَفْسد ، وأَخْرَبَ بالهمزة : تَرَكَ الموضعَ خراباً وذهَب عنه . واختار الهذليُّ قراءةَ أبي عمروٍ لأجل التكثير . ويجوزُ أَنْ يكونَ " يُخْرِبون " تفسيراً للرعب فلا مَحَلَّ له أيضاً .