Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 9-9)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا } : يجوزُ فيه وجهان ، أحدهما : أنه عطفٌ على الفقراء ، فيكونُ مجروراً ، ويكونُ من عَطْفِ المفرداتِ ، ويكون " يُحبُّون " حالاً . والثاني : أَنْ يكونَ مبتدأ ، خبرُه " يُحِبُّون " ، ويكون حينئذٍ مِنْ عطفِ الجُمل . قوله : { وَٱلإِيمَانَ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه ضُمِّنَ " تَبَوَّؤوا " معنى لزِموا ، فيَصِحُّ عَطْفُ الإِيمان عليه ؛ إذ الإيمانُ لا يُتَبَوَّأ . والثاني : أنه منصوبٌ بمقدرٍ ، أي : واعتقدوا ، أو وأَلِفوا ، أو وأحَبُّوا . الثالث : أن يُتَجَوَّز في الإِيمان فيُجْعَلَ لاختلاطِه بهم وثباتِهم عليه كالمكانِ المُحيطِ بهم ، فكأنَّهم نَزَلوه ، وعلى هذا فيكونُ جَمَعَ بين الحقيقةِ والمجازِ في كلمةٍ واحدةٍ ، وفيه خلافٌ مشهورٌ . الرابع : أَنْ يكونَ الأصلُ : / دارَ الهجرة ودارَ الإِيمان ، فأقامَ لامَ التعريفِ في الدار مُقام المضافِ إليه ، وحَذَفَ المضافَ مِنْ دار الإِيمان ، ووَضَعَ المضافَ إليه مَقامه . الخامسُ . أَنْ يكونَ سَمَّى المدينة لأنَّها دارُ الهجرة ومكانُ ظهورِ الإِيمان بالإِيمان ، قال هذين الوجهَيْنِ الزمخشريُّ ، وليس فيه إلاَّ قيامُ أل مَقامَ المضافِ إليه ، وهو مَحَلُّ نَظَر ، وإنما يُعْرَفُ الخلافُ : هل تقوم أل مَقامَ الضميرِ المضاف إليه ؟ الكوفيون يُجيزونه كقولِه تعالى : { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [ النازعات : 39 ] ، أي : مَأْواه ، والبصريون يمنعونه ويقولون : الضميرُ محذوفٌ ، أي : المَأْوى له وقد تقدَّمَ تحريرُ هذا . أمَّا كونُها عِوَضاً من المضاف إليه فلا نَعْرِفُ فيه خلافاً . السادس : أنَّه مصنوبٌ على المفعولِ معه ، أي : مع الإِيمان معاً ، قاله ابن عطية ، وقال : " وبهذا الاقترانِ يَصِحُّ معنى قولِه " مِنْ قبلهم " فتأمَّلْه " قلت : وقد شَرَطوا في المفعول معه أنَّه يجوز عَطْفُه على ما قبلَه حتى جَعَلوا قولَه { فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ } مِنْ بابِ إضمار الفعل لأنَّه لا يُقال : أجمعتُ شركائي إنما يقال جَمَعْتُ ، وقد تقدَّم القولُ في ذلك ولله الحمد مشبعاً . قوله : { حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّ الحاجةَ هنا على بابِها من الاحتياج ، إلاَّ أنها واقعةٌ مَوْقعَ المحتاجِ إليه ، والمعنَى : ولا يجدون طَلَبَ محتاجٍ إليه ممَّا أُوْتي المهاجرون من الفيء وغيِره ، والمُحتاج إليه يُسَمَّى حاجةً تقول : خُذْ منه حاجتَك ، وأعطاه مِنْ مالِه حاجتَه ، قاله الزمشخري . فعلى هذا يكون الضميرُ الأول للجائين مِنْ بعدِ المهاجرين ، وفي " أُوْتوا " للمهاجرين . والثاني : أنَّ الحاجةَ هنا مِنْ الحَسَدِ ، قاله بعضُهم ، والضميران على ما تقدَّم قبل . وقال أبو البقاء : مَسَّ حاجةٍ ، أي : إنه حُذِف المضافُ للعلم به ، وعلى هذا فالضميران للذين تبوَّؤوا الدارَ والإِيمان . قوله : { وَلَوْ كَانَ بِهِمْ } واوُ الحال وقد تقدَّم الكلامُ عليها . والخَصاصَةُ : الحاجةُ ، وأصلُها مِنْ خَصاصِ البيت ، وهي فُروجهُ ، وحالُ الفقير يتخَلَّلُها النَّقْصُ ، فاسْتُعير لها ذلك . قوله : { وَمَن يُوقَ } العامَّةُ على سكون الواو وتخفيفِ القافِ مِنْ الوِقاية . وابنُ أبي عبلة وأبو حيوة بفتحِ الواو وشدِّ القافِ . والعامَّةُ بضمِّ الشينِ مِنْ " شُحَّ " وابنُ أبي عبلة وابنُ عمر بكسرها .