Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 11-11)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ثُمَّ ٱنْظُرُواْ } : عطف على " سيروا " ولم يجئ في القرآن العطفُ في مثل هذا الموضع إلا بالفاء ، وهنا جاء بـ " ثم " فيحتاج إلى فرق ، فذكر الزمخشري الفرق وهو : أَنْ جَعَل النظر مسبِّباً عن السير في قوله : { ٱنْظُرُواْ } كأنه قيل : " سيروا لأجل النظر ، ولا تسيروا سيرَ الغافلين " وهنا معناه إباحةُ السَّيْر في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين ، ونبَّه على ذلك بـ " ثم " لتباعد ما بين الواجب " والمباح " . قال الشيخ : " وما ذكره أولاً متناقض لأنه جعل النظر مُتَسَبِّباً عن السير ، فكان السير سبباً للنظر ، ثم قال : فكأنه قيل : سيروا لأجلِ النظر ، فجعل السيرَ معلولاً بالنظر ، والنظرُ سببٌ له فتناقضا ، ودعوى أن الفاء سببية دعوى لا دليلَ عليها ، وإنما معناها التعقيب فقط ، وأمَّا : " زنى ماعِزٌ فَرُجم " ففَهْمُ السببية من قرينةٍ غيرِها " قال : " وعلى تقدير تسليم إفادتها السببَ فلِمَ كان السيرُ هنا سيرَ إباحة وفي غيره سيرَ إيجاب ؟ قلت : هذا اعتراضٌ صحيح إلا قولَه " إن الفاء لا تفيد السببية " فإنه غير مُرْضٍ ، ودليلُه في غير هذا الموضوع . ومثل هذا المكان في كون الزمخشري جعل شيئاً علة ثم جعله معلولاً ما سيأتي إن شاء الله في أول الفتح ويأتي هناك جوابه . قوله : { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ } " كيف " خبر مقدَّم و " عاقبة " اسمها ، ولم يُؤَنَّثْ فعلُها لأن تأنيثها غير حقيقي ، ولأنها بتأويل المآل والمنتهى ، فإنَّ العاقبة مصدرٌ على وزن فاعِله ، وهو محفوظ في ألفاظ تقدَّم ذِكْرُها وهي منتهى الشيء وما يصير إليه . والعاقبة إذا أُطْلِقَتْ اختصت بالثواب . قال تعالى : { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ الأعراف : 128 ] ، وبالإِضافة قد تستعمل في العقوبة كقوله تعالى : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأىٰ } [ الروم : 10 ] { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ } [ الحشر : 17 ] فصَحَّ أن تكون استعارة مِنْ ضدِّه كقوله تعالى : { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] . و " كيف " معلِّقة للنظر فيه في محل نصب على إسقاط الخافض ؛ لأنَّ معناه هنا التفكُّر والتدبُّر .