Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 141-141)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } : منصوب على الحال ، وفيها قولان أحدهما : أنها حال مقدرة لأن النخل والزرع وقت خروجِهما لا أَكْلَ فيهما حتى يقال فيه متفق أو مختلف ، فهو كقوله { فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [ الزمر : 73 ] وكقولهم : " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً " أي : مقدِّراً الاصطياد به . والثاني : أنها حال مقارنة وذلك على حذف مضاف أي : وثمر النخل وحَبّ الزرع . و " أُكُلُه " مرفوع بـ " مختلفاً " لأنه اسم فاعل ، وشروط الإِعمال موجودة . والأُكُل : الشيء المأكول ، وقد تقدَّم أنه يُقْرأ بضم الكاف وسكونها ومضى تحقيقه في البقرة . والضمير في " أُكُله " : الظاهر أنه يعود على الزرع فقط : إمَّا لأنه حذف حالاً من النخل لدلالة هذه عليها تقديره : والنخل مختلفاً أكله ، والزرع مختلفاً أكله ، وإمَّا لأن الزرع هو الظاهر فيه الاختلافُ بالنسبة إلى المأكول منه كالقمح والشعير والفول والحمص والعََدس وغير ذلك . وقيل إنها تعود عليهما ، قال الزمخشري : " والضمير للنخل ، والزرعُ داخلٌ في حكمه لكونه معطوفاً عليه " . قال الشيخ : " وليس بجيد ، لأن العطفَ بالواو لا يُجَوِّزُ إفراد ضمير المتعاطفين " . وقال الحوفي : " والهاء في " أكلُه " عائدةٌ على ذِكْرِ ما تقدَّم من هذه الأشياء المنشآت " ، وعلى هذا الذي ذكره الحوفي لا تختص الحال بالنخل والزرع بل يكون لِما تقدَّم جميعه . قال الشيخ : " ولو كان كما زعم لكان التركيب " أكلها " ، إلا إنْ أُخذ ذلك على حذف مضاف أي : ثمر جنات ، وروعي هذا المحذوفُ فقيل : " أُكُلُه " بالإِفراد على مراعاته ، فيكون ذلك كقوله : " أو كظلمات في بحر لُجِّيٍّ يغشاه موج " أي : أو كذي ظلمات ؛ ولذلك أعاد الضمير في يغشاه عليه " . قلت : فيبقى التقدير : مختلفاً أكل ثمر الجنات وما بعدها ، وهذا يلزم منه إضافة الشيء إلى نفسه ، لأن الأُكُل كما تقدم غير مرة أنه الثمر المأكول . قال الزمخشري في الأكل : " وهو ثمره الذي يؤكل " . وقال ابن الأنباري : " إن مختلفاً نُصب على القطع فكأنه قال : والنخل والزرع المختلف أُكُلُهما " وهذا رأي الكوفيين وقد تقدم إيضاحه غير مرة . وقوله : { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ } إلى قوله : { إِذَآ أَثْمَرَ } قد تقدم إيضاحه . قوله " حصادِه " قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم بفتح الحاء ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان في المصدر لقولهم جَداد وجِداد ، وقَطاف وقِطاف ، وحَران وحِران . قال سيبويه : " جاؤوا بالمصدر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثالِ فِعال ، وربما قالوا فيه فَعال " يعني أن هذا مصدر خاص دال على معنى زائد على مطلق المصدر فإن المصدر الأصلي إنما هو الحصد ، فالحصدُ ليس فيه دلالةٌ على انتهاء زمان ولا عدمها بخلاف الحَصاد والحِصاد . ونسب الفراء الكَسْرَ لأهل الحجاز / والفتح لتميم ونجد . واختار أبو عبيد الفتح قال : " للفخامة ، وإن كانت الأخرى فاشية غير مدفوعة " ، ومكي الكسرَ قال : " لأنه الأصل وعليه أكثر الجماعة " . وقوله { يَوْمَ حَصَادِهِ } فيه وجهان أحدهما : أنه منصوب بـ " آتوا " أي : أعطوا واجبه يوم الحصاد . واستشكل بعض الناس ذلك بأن الإِيتاء إنما يكون بعد التصفية فكيف يوجب الإِيتار في يوم الحصيد ؟ وأجيب بأن ثَمَّ محذوفاً والتقدير : إلى تصفيته قالوا : فيكون الحصاد سبباً للوجوب المُوَسَّع والتصفية سبب للأداء ، وأحسنُ من هذا أن يكون المعنى : واهتموا بإيتاء الزكاة الواجبة فيه واقصدوه في ذلك اليوم . والثاني : أنه منصوب بلفظ " حقه " على معنى : وأعطوا ما استحق منه يوم حصاده ، فيكون الاستحقاق ثابتاً يوم الحصاد والأداء بعد التصفية ، ويؤيد ذلك تقديرُ المحذوف عند بعضهم كما قَدَّمْتُه ، وقال في نظير هذه الآية : { ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ } [ الأنعام : 99 ] وفي هذه " كُلُوا " قيل : لأن الأولى سِيْقَتْ للدلالة على كمال قدرته وعلى إعادة الأجسام من عُجْب الذَّنَب فأمر بالنظر والتفكُّر في البداية والنهاية ، وهذه سِيْقَت في مَعْرِض كمال الامتنان فناسب الأمر بالأكل ، وتحصَّل من مجموع الآيتين الانتفاعُ الأخروي والدنيوي ، وهذا هو السبب لتقدم النظر على الأمر بالأكل .