Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 160-160)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } : إنما ذكَّر العددَ والمعدودُ مذكَّر لأوجه منها : أنَّ الإِضافة لها تأثيرٌ كما تقدَّم غيرَ مرة فاكتسب المذكر من المؤنث التأنيث فأُعطي حكمَ المؤنث من سقوط التاء من عدده ؛ ولذلك يؤنث فعلُه حالةَ إضافتهِ لمؤنث نحو : { تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } [ يوسف : 10 ] ، [ وقوله ] : @ 2132ـ … كما شَرِقت صدرُ القَنَاةِ … @@ [ وقوله ] : @ 2133ـ … تسفَّهت أعاليَها مرُّ الرياح … @@ إلى غير ذلك مما تقدم تحقيقه . ومنها : أن هذا المذكر عبارة عن مؤنث ، فروعي المراد دون اللفظ وعليه قوله : @ 2134ـ وإنَّ كلاباً هذه عشرُ أَبْطُنٍ وأنت بريء من قبائلها العشرِ @@ لم يُلْحِق التاء في عدد أبطن وهي مذكرة لأنها عبارة عن مؤنث وهي القبائل فكأنه قيل : وإن كلاباً هذه عشر قبائل ، ومثله قول عمر ابن أبي ربيعة : @ 2135ـ وكان مِجَنِّي دونَ مَنْ كنت أتَّقي ثلاثُ شُخوصٍ كاعبانِ ومُعْصِرُ @@ لم يُلحِق التاء في عدد " شخوص " وهي مذكرة لَمَّا كانت عبارة عن النسوة ، وهذا أحسنُ مما قبله للتصريح بالمؤنث في قوله : كاعبان ومعصر ، وهذا كما أنه إذا أريد بلفظ مؤنث معنى مذكر فإنهم ينظرون إلى المراد دون اللفظ فيُلْحقون التاء في عدد المؤنث ، ومنه قول الشاعر : @ 2136ـ ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذُوْدٍ لقد جار الزمانُ على عِيالي @@ فألحق التاءَ في عدد " أنفس " وهي مؤنثة لأنها يراد بها ذكور ، ومثله : { ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً } [ الأعراف : 160 ] في أحد الوجهين وسيأتي إن شاء الله في موضعه . ومنها : أنه راعى الموصوف المحذوف والتقدير : فله عشرُ حسناتٍ أمثالها ، ثم حذف الموصوف وأقام صفته مُقامَه تاركاً العدد على حاله ، ومثله " مررت بثلاثة نسابات " ألحقت التاء في عدد المؤنث مراعاةً للموصوف المحذوف ، إذ الأصل : بثلاثة رجال نسابات . وقال أبو علي : " اجتمع ههنا أمران كلُّ منهما يوجب التأنيث ، فلمَّا اجتمعا قوي التأنيث ، أحدهما : أن الأمثالَ في المعنى " حسنات " فجاز التأنيثُ كقوله : @ 2137ـ … ثلاثُ شخوصٍ كاعبان ومعصر @@ أراد بالشخوص النساء ، الآخر : أن المضاف إلى المؤنث قد يؤنَّث وإن كان مذكراً كقول من قال : " قُطِعَتْ بعض أصابعه " { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } [ يوسف : 10 ] . وقرأ يعقوب والحسن وسعيد بن جبير والأعمش وعيسى بن عمر بالتنوين " أمثالُها " بالرفع صفة لعشر أي : فله عشر حسنات أمثال تلك الحسنة ، وهذه القراءة سالمةٌ من تلك التآويل المذكورة في القراءة المشهورة .