Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 19-19)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ } : مبتدأ وخبر ، وقد عَرَفْتَ مما مرَّ " أيَّاً " بعضُ ما تضاف إليه ، فإذا كانت استفهاميةً اقتضى الظاهرُ أن تكون مسمَّى باسم ما أضيفت إليه . قال أبو البقاء : " وهذا يوجب أن يُسَمَّى الله تعالى " شيئاً " فعلى هذا تكون الجلالةُ خبرَ مبتدأ محذوف أي : ذلك الشيء هو الله تعالى . ويجوز أن تكون الجلالة مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : الله أكبر شهادة . و " شهيد " على هذين القولين خبرُ مبتدأ محذوف أي : هو شهيد بيني وبينكم . والجملة من قوله : { قُلِ ٱللَّهِ } على الوجهين المتقدمين جواب لـ " أيّ " من حيث اللفظ والمعنى . ويجوز أن تكون الجلالة مبتدأ ، و " شهيد " خبرها ، والجملة على هذا جوابٌ لـ " أيّ " من حيث المعنى أي : إنها دالة على الجواب وليست به . قوله : { شَهَادةً } نصبٌ على التمييز ، وهذا هو الذي لا يَعْرِفُ النحاةُ غيرَه . وقال ابن عطية : " ويَصِحُّ على المفعول بأن يُحْمَلَ " أكبر " على التشبيه بالصفة المشبهة باسم الفاعل " . وهذا ساقطٌ جداً . إذ نصَّ النحويون على أن معنى شبهها باسم الفاعل في كونها تؤنث وتثنَّى وتجمع ، وأفعلُ مِنْ لا يؤنَّثُ ولا يُثَنَّى ولا يُجْمع فلم يُشْبِه اسم الفاعل ، حتى إن الشيخ نسب هذا الخِباط إلى الناسخ دون أبي محمد . قوله : { بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } متعلِّقٌ بـ " شيهد " وكان الأصل : قل الله شهيد بيننا فكُرِّرَتْ " بين " توكيداً ، وهو نظير قوله : @ 1877 - فأيِّي ما وأيُّك كان شراً فَسِيقَ إلى المَقامةِ لا يراها @@ وقوله : @ 1878 - يا ربَّ موسَى أظلمي وأَظْلَمُهْ فاصْبُبْ عليه ملِكاً لا يَرْحَمُهْ @@ وقوله : @ 1879 - فلئِنْ لَقِيْتُك خالِيَيْنِ لَتَعْلَمَنْ أيِّي وأيُّك فارسُ الأحزابِ @@ والجامع بينها أنه لَمَّا أضاف إلى الياء وحدها احتاج إلى تكرير ذلك المضاف . وجَوَّز أبو البقاء أن يكون " بيني " متعلقاً بمحذوفٍ على أنه صفة لشهيد فيكون في محل رفع ، والظاهر خلافه . قوله : { وَأُوحِيَ } الجمهور على بنائه للمفعول وحُذِف الفاعلُ للعِلْمِ به وهو الله تعالى . " والقرآن " رفع به . وقرأ أبو نهيك والجحدري وعكرمة وابن السَّمَيْفَع . " وأَوْحَى " ببنائه للفاعل ، " القرآن " نصباً على المفعول به . و " لأنذركم " متعلِّقٌ بـ " أُوحِي " قيل : وثَمَّ معطوف حُذف لدلالة الكلام عليه أي : لأنذركم به وأبَشِّركم به ، كقوله : { تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } [ النحل : 81 ] وتقدَّم منه جملةٌ صالحة . وقيل : لا حاجة إليه لأن المَقام مَقامُ تخويف . قوله : { وَمَن بَلَغَ } فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : أنه في محل نصب عطفاً على المنصوب في " لأُنْذِرَكم " وتكون " مَنْ " موصولة والعائدُ عليها مِنْ صلتها محذوف أي : ولأنذَر الذي بلغه القرآن . والثاني : أنَّ في " بَلَغ " ضميراً مرفوعاً يعود على " مَنْ " ويكون المفعولُ محذوفاً ، وهو منصوب المحل أيضاً نسقاً على مفعول " لأنذركم " ، والتقدير : ولأنذر الذي بَلَغ الحُلُمَ ، فالعائد هنا مستتر في الفعل . والثالث : أن " مَنْ " مرفوعةُ المحلِّ نَسَقاً على الضمير المرفوع في " لأنذرَكم " وجاز ذلك لأنَّ الفصلَ بالمفعول والجارِّ والمجرور أغنى عن تأكيده ، والتقدير : لأنذركم به ولينذركم الذي بلغه القرآن . قوله : { أَئِنَّكُمْ } الجمهور على القراءة بهمزتين أولاهما للاستفهام ، وهو استفهام تقريعٍ وتوبيخ ، وقد تقدَّم الكلام في قراءاتٍ مثلِ هذا . قال الشيخ : " وبتسهيل الثانية وبإدخال ألفٍ بين الهمزة الأولى والهمزةِ المُسَهَّلَة ، روى هذا الأخيرةَ الأصمعيُّ عن أبي عمرو ونافع " . انتهى . وهذا الكلام يُؤذن بأنها قراءة مستغربة وليس كذلك ، بل المرويُّ عن أبي عمرو المدُّ بين الهمزتين ، ولم يُخْتَلَفْ عن قالون في ذلك . وقرئ بهمزة واحدة وهي محتملة للاستفهام وإنما حُذفت لفهم المعنى ، ودلالة القراءة الشهيرة عليها ، وتحتمل الخبر المحض . ثم هذه الجملة الاستفهامية يحتمل أن تكون منصوبةَ المحلِّ لكونها في حيز القول وهو الظاهر ، كأنه أُمِرَ أن يقول : أيُّ شيء أكبرُ شهادةً ، وأن يقول : أإنكم لتشهدون . ويحتمل أن لا تكونَ داخلةً في حيِّزه فلا محلَّ لها حينئذ . و " أخرى " صفةٌ لـ " آلهة " لأنَّ ما لا يَعْقِل يُعامَل جمعُه معاملةَ الواحدةِ المؤنثة كقوله : { مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [ طه : 18 ] و { ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } [ الأعراف : 180 ] . قوله : { إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } يجوز في " ما " هذه وجهان ، أظهرهما : أنها كافة لـ " إنَّ " عن عملها ، و " هو " مبتدأ ، و " إله " خبر و " واحد " صفته . والثاني : أنها موصولة بمعنى الذي و " هو " مبتدأ " وإليه " خبره ، وهذه الجملةُ صلةٌ وعائد ، والموصول في محل نصب اسماً لـ " إن " ، و " واحد " خبرها . والتقدير : إن الذي هو إله واحد ، ذكره أبو البقاء ، وهو ضعيفٌ ، ويدلُّ على صحة الوجه الأولِ تعيُّنُه في قوله تعالى : { إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } [ النساء : 171 ] ، إذ لا يجوز فيه أن تكون موصولة لخلوِّ الجملة من ضمير الموصول . وقال أبو البقاء : - في هذا الوجه - " وهو أليقُ مما قبله " ولا أدري ما وجه ذلك ؟ .