Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 65-65)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ } : يجوز أن يكون الظرف متعلقاً بـ " نبعث " ، وأن يكون متعلقاً بمحذوف على أنه صفة لـ " عذاباً " أي : عذاباً كائناً من هاتين الجهيتن . قوله : { أَوْ يَلْبِسَكُمْ } عطف على " يَبْعَث " والجمهور على فتح الياء من " يَلْبسكم " وفيه وجهان ، أحدهما : أنه بمعنى يخلطكم فِرَقاً مختلفين على أهواء شتى ، كل فرقة مشايعة لإِمام ، ومعنى خَلْطِهم إنشابُ القتال بينهم فيختلطوا في ملاحكم القتال كقول الحماسي : @ 1941 - وكتيبةٍ لَبَّسْتُها بكتيبةٍ حتى إذا التبسَتْ نَفَضْتُ لها يدي فَتَرَكْتُهمْ تَقِصُ الرماحُ ظهورَهم ما بين مُنْعَفِرٍ وآخرَ مُسْنَدِ @@ وهذه عبارة الزمخشري ، فجعله من اللَّبس الذي هو الخلط ، وبهذا التفسير الحسن ظهر تعدِّي " يلبس " إلى المفعول . و " شيعاً " نصب على الحال . وهي جمع شِيْعة كسِدْرة وسِدَر . وقيل : " شيعاً " منصوب على المصدر من معنى الفعل الأول أي : إنه مصدر على غير الصدر كقعدت جلوساً . قال الشيخ : " ويحتاج في جعله مصدراً إلى نَقْلٍ من اللغة " . ويجوز على هذا أيضاً أن يكونَ حالاً كأتيته ركضاً أي : راكضاً أو ذا ركض . وقال أبو البقاء : " والجمهور على فتح الياء أي : يلبس عليكم أموركم ، فحذف حرف الجر والمفعول ، والأجودُ أن يكون التقدير : أو يلبس أموركم ، فحُذِف المضاف وأُقيم المضاف إليه مُقامه " ، وهذا كلُّه لاحاجةَ إليه لِما عَرَفْتَ من كلام الزمخشري . وقرأ ابو عبد الله المدني : " يُلبسكم " بضم الياء من " ألبس " رباعياً ، وفيه وجهان ، أحدهما : أن يكون المفعول الثاني محذوفاً تقديره : أو يلبسكم الفتنة . و " شيعاً " على هذا حال أي : يُلْبِسكم الفتنة في حال تفرُّقكم وشتاتكم . والثاني : أن يكون " شِيعاً " هو المفعولُ الثاني كأنه جعل الناسَ يلبسون بعضَهم مجازاً كقوله : @ 1942 - لَبِسْتُ أناساً فَأَفْنَيْتُهمْ وأَفْنَيْتُ بعد أُناسٍ أُناسا @@ والشيعة : مَنْ يتقوَّى بهم الإِنسان ، والجمع : " شِيَع " كما تقدم ، وأشياع كذا قاله الراغب ، والظاهر أن أشياعاً جمع شِيَع كعِنَب وأعناب وضِلَع وأضلاع ، وشِيَع جمع شِيْعة ، فهو جمع الجمع . قوله : { وَيُذِيقَ } نسق على " يَبْعَث " والإِذاقة : استعارة ، وهي فاشية : { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } [ القمر : 48 ] { ذُقْ إِنَّكَ } [ الدخان : 49 ] { فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ } [ الأنعام : 30 ] ، وقال : @ 1943 - أَذَقْناهُمْ كؤوسَ الموت صِرْفاً وذاقوا من أَسِنَّتنا كؤوسا @@ وقرأ الأعمش : { ونذيق } بنون العظمة ، وهو التفاتٌ فائدتُه تعظيم الأمر والتحذير من سطوته .