Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 71-71)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قول تعالى : { أَنَدْعُواْ } : استفهام توبيخ وإنكار ، والجملة في محل نصب بالقول ، و " ما " مفعولةٌ بـ " ندعو " وهي موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفة ، و " مِنْ دون الله " متعلِّقٌ بـ " ندعو " قال أبو البقاء : " ولا يجوز أن يكونَ حالاً من الضمير في " يَنْفَعنا " ولا معمولاً لـ " ينفعنا " لتقدُّمِه على " ما " والصلةُ والصفةُ لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف ، " قوله " من الضمير في يَنْفعنا " يعني به المرفوعَ العائدَ على " ما " وقوله : " لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف " يعني أن " ما " لا تخرج عن هذين القسمين ، ولكن يجوز أن يكون " من دون " حالاً من " ما " نفسها على قوله : إذ لم يجعل المانعَ من جَعْلِه حالاً من ضميره الذي في " ينفعنا " إلا صناعياً لا معنوياً ، ولا فرق بين الظاهر وضميره بمعنى أنه إذا جاز أن يكون حالاً من ظاهر جاز أن يكون حالاً من ضميره ، إلا أن يمنع مانع . قوله : { وَنُرَدُّ } فيه وجهان أظهرهما : أنه نسقٌ على " ندعو " فهو داخلٌ في حيِّز الاستفهام المتسلط عليه القول . والثاني : أنه حال على إضمار مبتدأ أي : ونحن نُرَدُّ . قال الشيخ بعد نقله عن أبي البقاء : " وهو ضعيفٌ لإِضمار المبتدأ ، ولأنها تكون حالاً مؤكدة " وفي كونها مؤكِّدةً نظر ، لأنَّ المؤكِّدةَ ، ما فُهِم معناها من الأول وكأنه يقول مِنْ لازم الدعاء " من دون الله " الارتداد على العَقِب . قوله : { عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلقٌ بـ " نُرَدٌّ " والثاني : أنَّه متعلِّقٌ بمحذوف على أنه حال من مرفوع " نُرَدُّ " أي : نُرَدٌّ راجعين على أَعقابنا أو منقلبين أو متأخرين ، كذا قدَّره وهو تفسيرُ معنى ، إذ المقدَّر في مثله كون مطلق ، وهذا يحتمل أن يُقال فيه إنه حال مؤكدة ، و " بعد إذ " متعلق بـ " نُرَدٌّ " . قوله : { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ } في هذه الكاف وجهان ، أحدهما : أنه نعت مصدر محذوف أي : نُرَدٌّ رَدَّاً مثل ردِّ الذين . والثاني : أنها في محل نصب على الحال من مرفوع " نرد " أي : نُرَدُّ مشبهين الذي استهوته الشياطين ، فمَنْ جوَّز تعدُّدَ الحال جَعَلَها حالاً ثانية إن جعل " على أعقابنا " حالاً ، ومَنْ لم يُجَوِّزْ ذلك جَعَلَ هذه الحالَ بدلاً من الحالِ الأولى ، ألم يجعل " على أعقابنا " حالاً بل متعلقاً بـ " نُرَدٌّ " والجمهورُ على " اسْتَهْوَتْهُ " بتاء التأنيث وحمزة " استهواه " وهو على قاعدِته من الإِمالة ، الوجهان معروفان ممَّا تقدَّم في : { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } [ الأنعام : 61 ] . وقرأ ابو عبد الرحمن والأعمش : " استهوَتْه الشيطان " بتأنيث الفعل والشيطان مفردٌ قال الكسائي : " وهي كذلك في مصحف ابن مسعود " وتوجيهُ هذه القراءة أنها نُؤوِّل المذكر بمؤنث كقولهم : " أتته كتابي فاحترقها " أي : صحيفتي ، وتقدم له نظائر . وقرأ الحسن البصري : " الشياطون " وجعلوها لحناً ولا تصل إلى اللحن ، إلا أنها لُغَيَّةٌ رديئةٌ ، سُمِع : حول بستان فلانٍ بساتون ، وله سَلاطون ، ويحكى أنه لمَّا حُكِيَتْ قراءة الحسن لحَّنه بعضهم ، فقال الفراء : " أَيْ والله يُلحِّنون الشيخ ، ويستشدون بقول رؤبة " ولعمري لقد صدق الفراء في إنكار ذلك . والمراد بالذي الجنس ، ويحتمل أن يُراد به الواحدُ الفذُّ . قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } فيه أربعةُ أوجه ، أحدها : أنه متعلقٌ بقوله : { ٱسْتَهْوَتْهُ } الثاني : أنه حال من مفعول " استهوته " الثالث : أنه حال من " حَيْران " الرابع : أنه حال من الضمير المستكنّ في " حيران " و " حَيْران " حال : إمَّا من هاء " اسْتَهْوَتْه " على أنها بدل من الأولى أو عند مَنْ يُجيز تَعَدُّدها ، وإمَّا من " الذي " وإمَّا من الضمير المستكنِّ في الظرف ، وحيران مؤنَّثُه حَيْرى ، ولذلك لم ينصرف والفعل حار يحار حَيْرةً وحَيَراناً وحَيْرورة . قوله : { لَهُ أَصْحَابٌ } جملة في محصل نصب صفة لحيران ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في حيران وأن تكون مستأنفةً و " إلى الهدى " متعلِّقٌ بـ " يَدْعُونه " وفي مصحف ابن مسعود وقراءته : " أتينا " بصيغة الماضي ، و " إلى الهدى " على هذه القراءة متعلِّقٌ به ، وعلى قراءة الجمهورِ : الجملة الأمريَّة في محل نصب بقول مضمر اي : يقولون ائتنا ، والقول المضمر في محلِّ صفةٍ لأصحاب وكذلك " يدعونه " . قوله : { لِنُسْلِمَ } في هذه اللام أقوال ، أحدها : - وهو مذهب سيبويه - أن هذه اللامَ بعد الإِرادة والأمر وشبهِهِما متعلقة بمحذوف على أنه خبر للمبتدأ وذلك المبتدأ هو مصدر من ذلك الفعل المتقدم ، فإذا قلت : أردْتَ لتقوم ، وأمرت زيداً ليذهب كان التقدير : الإِرادة للقيام والأمر للذهاب ، كذا نقل الشيخ ذلك عن سيبويه وأصحابه وفيه ضعفٌ قد قَدَّمْتُه في سورة النساء عند قوله : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ الآية : 26 ] . الثاني : أن مفعول الأمر والإِرادة محذوف ، وتقديره : وأُمِرْنا بالإِخلاص لنُسْلِمَ الثالث : قال الزمخشري : " هي تعليل للأمر بمعنى : أُمِرْنا وقيل لنا أسلموا لأجل أن نُسْلم " الرابع : أن اللام زائدة أي : أُمِرْنا أن نُسِلمَ الخامس : أنها معنى الباء أي : بأَنْ نُسْلِمَ . السادس : أن اللام وما بعدها مفعول الأمر واقعة موقع " أن " أي أنهما يتعاقبان فتقول : أمرتُك لتقومَ وأن تقوم ، وهذا مذهب الكوفيين . وقال ابن عطية : " ومذهبُ سيبويه أنَّ " لنُسْلِمَ " في موضع المفعول وأنَّ قولك : " أُمِرْت لأقومَ وأَنْ أقومَ " يجريان سواء وقال الشاعر : @ 1954 - أُريد لأَنْسى حبَّها فكأنَّما تَمثَّلُ لي ليلى بكل طريقِ @@ وهذا ليس مَذْهَبَ سيبويه إنما مذهبُه ما تقدَّم ، وقد تقدَّم تحقيق هذه المسألة في السورةِ المشارِ إليها قبلُ .