Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 91-91)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { حَقَّ قَدْرِهِ } : منصوبٌ على المصدر وهو في الأصل صفة للمصدر ، فلما أُضيف الوصف إلى موصوفه انتصب على ما كان ينتصب عليه موصوفه ، والأصل : قَدْره الحق كقولهم : جَرْدُ قطيفة وسحق عمامة . وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي : جَرْد قطيفة وسحق عمامة . وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي : " قدَّروا " بتشديد الدال ، " قَدَره " بتحريكها ، وقد تقدَّم أنهما لغتان . وقوله : " إذ قالوا " منصوب بـ " قَدَروا " وجعله ابن عطية منصوباً بقَدْره ، وفي كلام ابن عطية ما يُشْعر بأنها للتعليل . و " من شيء " مفعول به زيدت فيه " مِنْ " لوجودِ شَرْطي الزيادة . قوله : " نوراً " منصوب على الحال وفي صاحبه وجهان ، أحدهما : أنه الهاء في " به " فالعامل فيها " جاء " . والثاني : أنه الكتاب ، فالعامل فيه " أنزل " و " للناس " صفة لـ " هدى " . قوله : " تَجْعلونه " يقرؤه ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة ، وكذلك " يُبْدونها " و " يُخْفون " ، والباقون بتاء الخطاب في ثلاثة الأفعال ، فأمَّا الغيبةُ فللحَمْل على ما تقدَّم من الغيبة في قوله : " وما قدروا " إلى آخره ، وعلى هذا فيكون في قوله : " وعُلِّمْتُم " تأويلان أحدهما : أنه خطاب لهم أيضاً وإنما جاء به على طريقة الالتفات . والثاني : أنه خطاب للمؤمنين اعترض به بين الأمر بقوله : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ } وبين قوله { قُلِ ٱللَّهُ } . وأمَّا قراءةُ تاءِ الخطاب ففيها مناسبةٌ لقوله { وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ } ورجَّحها مكي وجماعةٌ لذلك ، قال مكي : " وذلك أحسن في المشاكلة والمطابقة واتصال بعض الكلام ببعض ، وهو الاختيار لذلك ، ولأنَّ أكثر القراء عليه " . قال الشيخ : " ومن قال إن المنكرين العربُ أو كفار قريش لم يمكن جَعْلُ الخطاب لهم بل يكون قد اعترض ببني إسرائيل فقال خلال السؤال والجواب : تَجْعَلُونها قراطيس ، ومثل هذا يَبْعُدُ وقوعُه ؛ لأنَّ فيه تفكيكاً للنظم حيث جَعَلَ أولَ الكلام خطاباً للكفار وآخره خطاباً لليهود . قال : " وقد أُجيب بأنَّ الجميع لَمَّا اشتركوا في إنكار نبوَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم جاء بعضُ الكلام خطاباً للعرب وبعضه خطاباً لبني إسرائيل " . قوله : " تَجْعلونه قراطيس " يجوز أن تكون " جعل " بمعنى صيَّر ، وأن تكون بمعنى ألقى أي : تضعونه في كاغد . وهذه الجملة في محل نصب على الحال : إمَّا من " الكتاب " ، وإمَّا من الهاء في " به " ، كما تقدم في " نوراً وهدى " . قوله " قراطيس " فيه ثلاثة [ أوجه ] ، أحدها : أنه على حذف حرف الجر أي : في قراطيس وورق ، فهو شبيه بالظرف المبهم فلذلك تَعَدَّى إليه الفعل بنفسه . والثاني : أنه على حذف مضاف أي : تجعلونه ذا قراطيس . والثالث : أنهم نَزَّلوه منزلة القراطيس . وقد تقدم تفسير القراطيس ، والجملة من قوله " تبدونها " في محل نصب نعت لقراطيس ، وأمَّا " تُخْفون " فقال أبو البقاء : " إنها صفة أيضاً لها ، وقدَّر ضميراً محذوفاً أي : وتُخْفون منها كثيراً " . وأمَّا مكي فقال : " وتُخْفون " مبتدأٌ لا موضعَ له من الإِعراب " انتهى ، كأنه لمَّا رأى خُلُوَّ [ هذه الجملةِ من ضمير ] يعود على " قراطيس " منع كونه صفة ، وقد تقدَّم أنه مقدر أي : منها ، وهو أولى . قد جوَّز الواحدي في " تبدون " أن يكون حالاً من ضمير " الكتاب " من قوله " تجعلونه قراطيس " على أن تجعل الكتاب القراطيس في المعنى لأنه مكتتبٌ فيها " انتهى . قوله : " على أن تَجْعل " اعتذارٌ عن مجيء ضميره مؤنثاً ، وفي الجملة فهو بعيد أو ممتنع . وقوله : " وعُلِّمْتُمْ " يجوز أن يكون على قراءة الغيبة في " يجعلونه " وما عُطِفَ عليه مستأنفاً ، وأن يكون حالاً ، وإنما أتى به مخاطباً لأجل الالتفات ، وأمَّا على قراءة تاء الخطاب فهو حالٌ ، ومَن اشترط " قد " في الماضي الواقع حالاً أضمرها هنا أي : وقد عُلِّمْتُمْ . قوله : " قلِ اللهُ " الجلالة يجوز فيها وجهان أحدهما : أن تكونَ فاعلةً بفعلٍ محذوف أي : قل أَنْزله ، وهذا هو الصحيح للتصريح بالفعل في قوله { لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ } [ الزخرف : 9 ] . والثاني : أنه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ تقديرُه : الله أنزله ، ووجه مناسبتِه مطابقةُ الجوابِ للسؤال ، وذلك أن جملة السؤال اسمية فلتكنْ جملةُ الجوابِ كذلك . قوله : { فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } يجوز أن يكون " في خوضهم " متعلقاً بـ " ذرْهُم " ، وأن يتعلَّق بـ " يَلْعبون " ، وأن يكونَ حالاً من مفعول " ذَرْهم " ، وأن يكونَ حالاً من فاعل " يَلْعبون " فهذه أربعة أوجه ، وأمَّا " يلعبون " فيجوز أن يكون حالاً مِنْ مفعول " ذرهم " ، ومَنْ مَنَع أن تتعدَّد الحال لواحدٍ لم يُجِزْ حينئذ أن يكون " في خوضهم " حالاً مِنْ مفعول " ذرهم " بل يجعله : إمَّا متعلقاً بـ " ذَرْهُمْ " كما تقدم أو بـ " يَلْعبون " أو حالاً من فاعله ، ويجوز أن يكون " يلعبون " حالاً من ضمير " خَوْضهم " ، وجاز ذلك لأنه في قوة الفاعل لأنَّ المصدرَ مضاف لفاعله ؛ لأن التقدير : ذرهم يخوضوا لاعبين ، وأن يكونَ حالاً من الضمير في " خوضهم " إذا جعلناه حالاً لأنَّه تضمَّن معنى الاستقرار فتكون حالاً متداخلة .