Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 98-98)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَمُسْتَقَرٌّ } : قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر القاف ، والباقون بفتحها ، وأمَّا " مُسْتَوْدَع " فالكلُّ قرأه مفتوحَ الدال ، وقد روى الأعور عن أبي عمرو بن العلاء كسرها . فَمَنْ كسر القاف جعل " مستقرَّاً " اسم فاعل ، والمراد به الأشخاص وهو مبتدأ محذوف الخبر أي : فمنكم مستقر : إمَّا في الأصلاب أو البطون أو القبور ، وعلى هذه القراءة تتناسق " ومستودَع " بفتح الدال . وجوَّز أبو البقاء في " مستقِر " بكسر القاف أن يكون مكاناً وبه بدأ قال : " فيكون مكاناً يستقر لكم " انتهى ، يعني : والتقدير : ولكم مكان يستقر . وهذا ليس بظاهرٍ البتةَ ، إذ المكان لا يوصف بكونه مستقراً بكسر القاف بل بكونه مُسْتَقَرَّاً فيه . وأمَّا مستودَع بفتحها فيجوز أن يكون اسم مفعول ، وأن يكون مكاناً ، وأن يكون مصدراً ، فيقدر الأول : فمنكم مستقر في الأصلاب ومستودع في الأرحام ، أو مستقر في الأرض ظاهراً ومستودع فيها باطناً ، ويقدر للثاني : فمنكم مستقر ولكم مكان تستودعون فيه ، ويقدر للثالث : فمنكم مستقر ولكم استيداع . وأمّا مَنْ فتح القاف فيجوز فيه وجهان فقط : أن يكون مكاناً ، وأن يكون مصدراً أي : فلكم مكان تستقرون فيه وهو الصُّلب أو الرحم أو الأرض ، أو لكم استقرار فيما تقدم ، وينقص أن يكون اسم مفعول لأن فعله قاصر لا يُبنى منه اسم مفعول بخلاف مستودع حيث جاز فيه الأوجه الثلاثة . وتوجيه قراءة أبي عمرو في رواية الأعور عنه في " مستودِع " بالكسر على أن يُجعل الإِنسانُ كأنه مُسْتَوْدِعُ رزقِه وأجَله ، حتى إذا نَفِدا كأنه ردَّهما وهو مجاز حسن ، ويقوِّي ما قلته قولُ الشاعر : @ 2014ـ وما المالُ والأهلون إلا وديعةٌ ولا بُدَّ يوماً أن تُرَدَّ الودائعُ @@ / والإِنشاء : الإِحداث والتربية ، ومنه : إنشاء السحاب ، وقال تعالى : { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ } [ الزخرف : 18 ] فهذا يُراد به التربية ، وأكثر ما يستعمل الإِنشاء في إحداث الحيوان ، وقد جاء في غيره ، قال تعالى : { وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } [ الرعد : 12 ] . والإِنشاءُ : قسيمُ الخبر ، وهو ما لم يكن له خارجٌ ، وهل هو مندرجٌ في الطلب أو بالعكس أو قسم برأسه ؟ خلافٌ ، وقيل : على سبيل التقريب مقارنة اللفظ لمعناه . وقال الزمخشري : " فإن قلت : فَلِمَ قيل " يعلمون " مع ذكر النجوم ، و " يفقهون " مع ذِكْرِ إنشاء بني آدم ؟ قلت : كأن إنشاء الإِنس من نفس واحدة وتصريفهم على أحوال مختلفة ألطف وأدق صنعةً وتدبيراً ، فكان ذِكْرُ الفقه الذي هو استعمال فطنة وتدقيقُ نظر مطابقاً له " .