Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 4-4)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } : فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه متعلقٌ بـ " أُسوة " تقول : " لي أُسْوَة في فلان " . وقد منع أبو البقاء أَنْ يتعلَّقَ بها . قال : " لأنها قد وُصِفَتْ " وهذا لا يُبالى به لأنه يُغتفر في الظرفِ ما لا يُغتَفر في غيره . الثاني : أنه متعلق بحسنة تعلُّقَ الظرفِ بالعامل . الثالث : أنَّه نعتٌ ثانٍ لأُسْوَة . الرابع : أنه حالٌ من الضمير المستترِ في " حسنةٌ " . الخامس : أن يكونَ خبرَ كان ، و " لكم " تبيينٌ . وقد تقدَّم لك قراءتا " أسْوة " في الأحزاب ، والكلامُ على مادتِها . قوله : { إِذْ قَالُواْ } فيه وجهان ، : أحدهما : أنَّه خبرُ كان . والثاني : أنه متعلقٌ بخبرها ، قالهما أبو البقاء . ومَنْ جَوَّزَ في " كان " أَنْ تعملَ في الظرف عَلَّقه بها . قوله : { بُرَآءُ } هذه قراءةُ العامَّةِ بضمِّ الباءِ وفتح الراءِ وألفٍ بين همزتَيْن ، جمعَ بريء ، نحو : كُرَماء في جمع كريم . وَعيسى الهمذاني بكسرِ الباء وهمزةٍ واحدةٍ بعد ألف نحو : كرام في جمع كريم . وعيسى أيضاً ، وأبو جعفر ، بضم الباءِ وهمزةٍ بعد ألف . وفيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه جمعُ بَرِيْء أيضاً ، والأصلُ كسرُ الباءِ ، وإنما أبدل من الكسرةِ ضمةً ، كـ رُخال ورُباب قاله الزمخشري . الثاني : أنه جمعٌ أيضاً لـ بَرِيء ، وأصلُه برَآء كالقراءةِ المشهورة ، إلاَّ أنه حَذَفَ الهمزة الأولى تخفيفاً ، قاله أبو البقاء . الثالث : أنه اسمُ جمعٍ لـ بريء نحو : تُؤَام وظُؤَار اسْمَيْ جمعٍ لتَوْءَم وظِئْر . وقرأ عيسى أيضاً : " بَراء " بفتح الباء . وهمزة بعد ألف كالتي في الزخرف ، وصَحَّ ذلك لأنه مصدرٌ والمصدرُ يقع على الجمع كوقوعِه على الواحد . قال الزمخشري : " والبَراء والبراءةُ كالظَّماء والظَّماءة " . وقال مكي : " وأجاز أبو عمروٍ وعيسى ابن عمر " بِراء " بكسر الباء جعله ككريم وكِرام . وأجاز الفراء " بَراء " بفتح الباء " ثم قال : " وبَراء في الأصلِ مصدرٌ " كأنه لم يَطَّلِعْ عليها قراءةً منقولةً . قوله : { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه استثناءٌ متصلٌ مِنْ قولِه : " في إبراهيم " ولكنْ لا بُدَّ مِنْ حذفِ مضافٍ ليصِحَّ الكلامُ ، تقديرُه : في مقالات إبراهيم / إلاَّ قولَه كيت وكيت . الثاني : أنه مستثنى مِنْ " أسوةٌ حسنةٌ " وجاز ذلك لأن القولَ أيضاً من جملة الأُسْوة ؛ لأن الأسوةَ الاقتداءُ بالشخص في أقوالِه وأفعالِه ، فكأنه قيل لكم : فيه أُسْوة في جميع أحوالِه من قَوْلٍ وفِعْلٍ إلاَّ قولَه كذا . وهذا عندي واضحٌ غيرُ مُحْوِجٍ إلى تقديرِ مضافٍ وغيرُ مُخْرِجِ الاستثناءِ من الاتصالِ الذي هو أصلُه إلى الانقطاع ، ولذلك لم يذكُر الزمخشريُّ غيرَه قال : " فإنْ قلتَ مِمَّ استثنى قَولَه : { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ } ؟ قلت مِنْ قولِه : " أُسْوَةٌ حسنةٌ " لأنه أرادَ بالأُسوةِ الحسنةِ قولهم الذي حَقَّ عليهم أَنْ يَأْتَسُوا به ويتخذوه سنةً يَسْتَنُّون بها . فإنْ قلت : فإنْ كانَ قولُه : " لأستغفرَنَّ لك " مستثنى من القولِ الذي هو أُسْوَةٌ حسنةٌ فما بالُ قولِه : { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } ، وهو غيرُ حقيقٍ بالاستثناء . ألا ترى إلى قولِه : { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [ الفتح : 11 ] قلت : أرادَ استثناءَ جملةِ قولِه لأبيه ، والقصدُ إلى موعدِ الاستغفارِ له وما بعده مبنيٌّ عليه وتابعٌ له . كأنه قال : أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلاَّ الاستغفارُ " . الثالث : قال ابن عطية : " ويحتمل أن يكون الاستثناءُ من التبرُّؤِ والقطيعة التي ذُكِرت أي : لم تُبْقِ صلةً إلاَّ كذا " . الرابع : أنه استثناءٌ منقطع أي : لكنْ قولُ إبراهيم . وهذا بناءً مِنْ قائليه على أنَّ القولَ لم يَنْدَرِجْ تحت قولِه : " أُسْوة " وهو ممنوعٌ .