Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 14-14)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَنصَارَ ٱللَّهِ } : قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو " أنصاراً " منوناً ، " لله " جارَّاً ومجروراً . والباقون " أنصارَ " غيرَ منونٍ بل مضافاً للجلالة الكريمة ، والرسمُ يحتمل القراءتَيْن معاً . واللامُ يُحتمل أَنْ تكونَ مزيدةً في المفعولِ للتقوية لكونِ العاملِ فَرْعاً ، إذ الأصلُ : أنصاراً اللَّهَ ، وأَنْ تكون غيرَ مزيدةٍ ، ويكونَ الجارُّ والمجرورُ نعتاً لـ " أَنْصاراً " والأولُ أظهرُ . وأمَّا قراءةُ الإِضافةِ ففرعُ الأصلِ المذكورِ . ويؤيِّدُ قراءةَ الإِضافةِ الإِجماعُ عليها في قوله : { نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ } . ولم يُتَصَوَّرْ جَرَيانُ الخلافِ هنا لأنه مرسومٌ بالألفِ . قوله : { كَمَا قَالَ عِيسَى } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّ الكافَ في موضع نصبٍ على إضمارِ القولِ أي : قُلْنا لهم ذلك ، كما قال عيسى . الثاني : أنها نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ تقديرُه : كونوا كَوْناً ، قاله مكي وفيه نظرٌ ؛ إذ لا يُؤْمَرُون بأن يكونوا كَوْناً . الثالث : أنه كلامٌ محمولٌ على معناه دون لفظِه ، وإليه نحا الزمخشريُّ ، فإنه قال : " فإنْ قلتَ ما وجهُ صحةِ التشبيهِ ، وظاهرُه تشبيهُ كونِهم أنصاراً بقولِ عيسى صلوات الله عليه مَنْ أنصاري ؟ قلت : التشبيهُ محمولٌ على المعنى ، وعليه يَصِحُّ ، والمرادُ : كونوا أنصارَ الله كما كان الحواريُّون / أنصارَ عيسى . حين قال لهم : { مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } . وتقدَّم في آل عمران تَعَدِّي " أَنْصَاري " بـ " إلى " ، واختلافُ الناسِ في ذلك . وقال الزمخشري هنا : " فإنْ قلتَ : ما معنى قولِه : { مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } قلت : يجبُ أَنْ يكونَ معناه مطابقاً لجوابِ الحواريين : نحن أنصارُ الله . والذي يطابِقُه أَنْ يكونَ المعنى : مَنْ جُنْدِيٌّ متوجِّهاً إلى نصرةِ الله ؟ وإضافةُ " أَنْصاري " خلافُ إضافةِ " أنصار الله " ؛ فإنَّ معنى " نحن أنصارُ الله " : نحن الذين يَنْصُرون الله ، ومعنى " مَنْ أنصاري " : مَنْ الأنصارُ الذين يختصُّون بي ، ويكونون معي في نُصْرَةِ اللَّهِ . ولا يَصِحُّ أَنْ يكونَ معناه مَنْ يَنْصُرني مع الله ؛ لأنه لا يطابِقُ الجوابَ . والدليل عليه قراءةُ مَنْ قرأ " أنصارَ الله " انتهى . قلت : يعني أنَّ بعضَهم يَدَّعي أنَّ " إلى " بمعنى مع أي : مَنْ أنصاري مع الله ؟ وقولُه : " قراءةُ مَنْ قرأ أنصارَ الله " أي : لو كانت بمعنى " مع " لَما صَحَّ سُقوطُها في هذه القراءةِ . وهذا غيرُ لازمٍ ؛ لأنَّ كلَّ قراءةٍ لها معنىً يَخُصُّها ، إلاَّ أن الأَوْلَى توافُقُ القراءتَيْن . قوله : { فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ } مِنْ إيقاع الظاهرِ موقعَ المضمرِ فيهما ، تَنْبيهاً على عداوةِ الكافرِ للمؤمن ؛ إذ الأصلُ : فأيَّدْناهم عليهم ، أي : أيَّدْنا المؤمنين على الكافرين من الطائفتَيْن المذكورتَيْن .