Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 143-143)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لِمِيقَاتِنَا } : هذه اللامُ للاختصاص وكذا في قوله تعالى : { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } [ الإِسراء : 78 ] / وليست بمعنى " عند " كما وَهِمَ بَعضُهم . قوله : { أَرِنِيۤ } مفعولُه الثاني محذوفٌ ، والتقدير : أرني نفسَك أو ذاتك المقدسةَ وإنما حَذْفُه مبالغةٌ في الأدب ، حيث لم يواجهْه بالتصريح بالمفعول . وأصل أَرِني : أَرْ إني فنُقِلَتْ حركةُ الهمزة . وقد تقدَّم تحريرُه . قوله : { لَن تَرَانِي } : " لن " قد تقدَّم أنه لا يلزم مِنْ نفيِها التأبيدُ وإن كان بعضُهم فَهِم ذلك ، حتى إن ابن عطية قال : " فلو بَقينا على هذا النفي بمجرده لتضمَّن أن موسى لا يَراه أبداً ولا في الآخرة ، لكن وَرَدَ من جهة أخرى الحديثُ المتواتر : أنَّ أهلَ الجنةِ يَرَوْنه " . قلت : وعلى تقدير أنَّ " لن " ليست مقتضيةً للتأبيد فكلامُ ابنِ عطية وغيرِه ممن يقول : إن نفي المستقبل بعدها يَعُمُّ جميعَ الأزمنة المستقبلة صحيح لكن لِمَدْرك آخرَ : وهو أن الفعلَ نكرةٌ ، والنكرةُ في سياق النفي تعمُّ ، وللبحث فيه مجال . والاستدراكُ في قوله " ولكن انظر " واضحٌ . وقال الزمخشري : " فإن قلت : كيف اتصلَ الاستدراكُ في قوله " ولكن انظر " [ بما قبله ] ؟ قلت : اتصلَ به على معنى أن النظر إليَّ مُحالٌ فلا تطلبه ، ولكن اطلب نظراً آخر وهو أن تنظر إلى الجبل " وهذا على رأيه مِنْ أن الرؤية محالٌ مطلقاً في الدنيا والآخرة . قوله : { جَعَلَهُ دَكّاً } قرأ الأخوان " دَكّاء " بالمدّ على وزن حَمْراء والباقون " دَكّاً " بالقصر والتنوين . فقراءةُ الأخوين تحتمل وجهين أحدهما : أنها مأخوذةٌ مِنْ قولهم : ناقةٌ دكَّاء ، أي : منبسطة السَّنام غيرُ مرتفعتِه وإمَّا من قولهم : أرضٌ دكاء للناشزة . وفي التفسير : أنه لم يذهبْ كلُّه ، بل ذهب أعلاه فهذا يناسبه . وأمَّا قراءة الجماعة فـ " دَكٌّ " مصدرٌ واقعٌ موقعَ المفعول به ، أي مدكوكاً أو مندَكّاً ، على حذف مضاف ، أي : ذا دَكٍّ . وفي انتصابه على القراءتين وجهان ، المشهور : أنه مفعولٌ ثان لـ " جعل " بمعنى صيَّر . والثاني : وهو رأي الأخفش أنه مصدرٌ على المعنى ، إذ التقدير : دَكَّه دَكّاً . وأمَّا على القراءة الأولى فهو مفعولٌ فقط ، أي : صَيَّره مثلَ ناقةٍ دكاء أو أرضٍ دكاء . والدكُّ والدقُّ بمعنى وهو تفتيت الشيء وسَحْقُه . وقيل : تسويتُه بالأرض . وقرأ ابن وثاب : " دُكَّا " بضم الدال والقصر ، وهو جمع دَكَّاء بالمد كحُمر في حمراء وغُرّ في غَرَّاء ، أي جعله قِطَعاً . قوله : " صَعِقاً " حالٌ مقارنةٌ ، والخُرورُ السُّقوط ، كذا أطلقه الشيخ ، وقيَّده الراغب بسقوطٍ يُسمع له خريرٌ ، والخريرُ يقال لصوتِ الماءِ والريح وغيرِ ذلك ممَّا يَسْقُط من علوٍّ . والإِفاقة : رجوعُ الفهمِ والعقل إلى الإِنسان بعد جنونٍ أو سُكرٍ ، ومنه إفاقة المريض وهي رجوعُ قوته ، وإفاقةُ الحَلْب : وهي رجوع الدَّرِّ إلى الضَّرْع يُقال : استَفِقْ ناقَتَك ، أي : اتركها حتى يعودَ لبنُها ، والفُواق ما بين حَلْبَتَي الحالب . وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .