Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-155)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ } : " اختار " يتعدَّى لاثنين إلى أوَّلهما بنفسه وإلى ثانيهما بحرف الجر ، ويجوز حَذْفُه ، تقول : " اخترت زيداً من الرجال " ، ثم تَتَّسِعُ فتحذف " مِنْ " فتقول : " زيداً الرجال " قال : @ 2306ـ اخْتَرْتُكَ الناسَ إذ رثَّتْ خلائِقُهُمْ واعتلَّ مَنْ كان يُرجى عنده السُّؤلُ @@ وقال الراعي : @ 2307ـ فقلْتُ له اخترها قَلوصاً سمينة ونابٌ علينا مثل نابِكَ في الحيا @@ وقال الفرزدق : @ 2308ـ منا الذي اختير الرجالَ سماحةً وجوداً إذا هَبَّ الرياح الزعازعُ @@ وهذا النوعُ مقصورٌ على السماع ، حَصَره النحاة في ألفاظ ، وهي : اختار وأَمَر كقوله : @ 2309ـ أمرتك الخيرَ فافعلْ ما أُمِرْتَ به فقد تَرَكْتُك ذا مالٍ وذا نَشَبِ @@ واستغفر كقوله : @ 2310ـ أستغفرُ اللهَ ذنباً لستُ محصيَه ربَّ العبادِ إليه الوجهُ والعملُ @@ وسمَّى [ نحو : ] سَمَّيْتُ ابني بزيد ، وإن شئت : زيداً . و " دعا " بمعناه قال : @ 2311ـ دَعَتْني أمُّ عمرو أخاها ولم أكن أخاها ولم أَرْضَعْ لها بلَبانِ @@ و " كَنَى " تقول : كَنَيْته بفلان ، وإن شئت فلاناً . و " صَدَق " قال تعالى : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } [ آل عمران : 152 ] . و " زوَّج " قال تعالى : { زَوَّجْنَاكَهَا } [ الأحزاب : 37 ] . ولم يزد الشيخ عليها . ومنها أيضاً " حدَّث وأنبأ ونبّأ وأخبر وخبَّر " إذا لم تُضَمَّن معنى أَعْلَمَ . قال تعالى : { مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا } [ التحريم : 3 ] وقال : { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } [ التحريم : 3 ] . وتقول : حَدَّثْتك بكذا ، وإن شئت : كذا ، قال : @ 2312ـ لَئِنْ كان ما حُدِّثْتُه اليومَ صادقاً أَصُمْ في نهارِ القيظِ للشمس باديا @@ و " قومه " مفعولٌ ثانٍ على أوَّلهما ، والتقدير : واختار موسى سبعين رجلاً من قومه . ونقل أبو البقاء عن بعضهم أن " قومَه " مفعول أول و " سبعين " بدل ، أي : بدل بعض من كل ، ثم قال : " وأرى أن البدلَ جائزٌ على ضعف وأن التقدير : سبعين رجلاً منهم " . قلت : إنما كان ممتنعاً أو ضعيفاً لأنَّ فيه حَذْفَ شيئين : أحدُهما المختار منه ، فإنه لا بد للاختيار من مختارٍ ومختار منه ، وعلى البدل إنما ذُكِر المختارُ دونَ المختار منه . والثاني : أنه لا بد من رابط بين البدل والمبدل منه وهو " منهم " كما قدَّره أبو البقاء ، وأيضاً فإن البدلَ في نية الطَّرْح . وأصل اختار : اختَيَرَ افتعل من لفظ الخير كاصطفى من الصفوة . و " لميقاتنا " متعلقٌ به أي : لأجل ميقاتنا . ويجوز أن يكونَ معناها الاختصاصَ ، أي : اختارهم مخصصاً بهم الميقات كقولك : اختير لك هذا . قوله : { لَوْ شِئْتَ } مفعولُ المشيئة محذوف أي : لو شِئْتَ إهلاكنا ، و " أهلكتهم " جواب لو ، والأكثر الإِتيانُ باللام في هذا النحو ، ولذلك لم يَأْتِ مجرداً منها إلا هنا ، وفي قوله { أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ } [ الأعراف : 100 ] وفي قوله : { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً } [ الواقعة : 70 ] . ومعنى " من قبل " أي : قبل الاختيار وأَخْذ الرجفة . قوله : { وَإِيَّايَ } قد يتعلَّق به مَنْ يرى جواز انفصال الضمير مع القدرة على اتصاله ، إذ كان يمكنُ أن يُقال : أهلكتنا ، وهو تعلُّقٌ واهٍ جداً لأن مقصودَه صلى الله عليه وسلم التنصيص على هلاك كلٍ على حِدَتِه تعظيماً للأمر ، وأيضاً فإن موسى لم يتعاطَ ما يقتضي إهلاكَه بخلاف قومه ، وإنما قال ذلك تسليماً منه لربِّه ، فعطَف ضميرَه تنبيهاً على ذلك ، وقد تقدم لك فهذه من هذا في قوله { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ } [ النساء : 131 ] وقوله { يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } [ الممتحنة : 1 ] . قوله : { أَتُهْلِكُنَا } يجوز فيه أن يكون على بابه ، أي : أتَعُمُّنا بالإِهلاك أم تخصُّ به السفهاءَ منا ؟ / ويجوز أن يكونَ بمعنى النفي ، أي : ما تُهْلِك مَنْ لم يُذنب بذنب غيره ، قاله أبو بكر بن الأنباري ، قال : " وهو كقولك : أتُهين مَنْ يكرمك ؟ وعن المبرد : هو سؤالُ استعطاف . و " منا " في محل نصب على الحال من " السفهاء " ويجوز أن تكون للبيان . قوله : { تُضِلُّ بِهَا } يجوز فيها وجهان ، أحدهما : أن تكون مستأنفةً فلا محلَّ لها . والثاني : أن تكون حالاً من " فتنتك " أي : حالَ كونها مُضِلاً بها . ويجوز أن تكون حالاً من الكاف لأنها مرفوعةٌ تقديراً بالفاعلية ، ومنعه أبو البقاء قال : " لعدم العامل فيها " وقد تقدَّم البحث معه فيه غير مرة .