Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 37-37)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { مِّنَ ٱلْكِتَابِ } : في محلِّ الحال من " نصيبهم " أي : حال كونه مستقراً من الكتاب و " مِنْ " لابتداء الغاية . قوله : { حَتَّىٰ إِذَا } : " حتى " هنا غايةٌ ، و " إذا " وما في حَيِّزها تقدَّم لك الكلامُ عليها غيرَ مرة : هل هي جارَّةٌ أو حرفُ ابتداء ؟ وتقدَّم عبارةُ الزمخشري فيها . واختلفوا فيها إذا كانت حرفَ ابتداء أيضاً : هل هي حينئذ جارّةٌَ وتتعلَّق بما قبلها تعلُّقَ حروفِ الجر من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ، والجملة بعدها في محل جر ، أو ليست بجارَّةٍ بل هي حرفُ ابتداء فقط ، غيرُ جارة وإن كان معناها الغاية كقوله : @ 3190ـ سَرَيْتُ بهمْ حتى تَكِلَّ مطيُّهم وحتى الجيادُ ما يُقَدْنَ بأرسانِ @@ وقول الآخر : @ 2191ـ فما زالت القتلى تَمُجُّ دماءَها بدجلةَ حتى ماءُ دجلةَ أَشْكلُ @@ خلاف . الأولُ قولُ ابن درستويه ، والثاني قول الجمهور . وقال صاحب " التحرير " : " حتى هنا ليست للغاية بل هي ابتداء وخبره " وهذا وهمٌ إذ الغايةُ معنى لا يفارقها ، وقوله : " بل هي ابتداءٌ وخبرٌ " تسامحٌ في العبارة ، يريد : بل الجملةُ بعدها . ثم الجملة التي بعدها في هذا المكان ليست ابتداءً وخبراً بل هي جملةٌ فعلية / وهي : " قالوا " ، و " إذا " معمولةٌ لها . وممن ذهب إلى أنها ليست هنا للغاية الواحديُّ فإنه حكى في معنى الآية أقوالاً ثم قال : " فعلى هذا القولِ معنى : " حتى " للانتهاء والغاية ، وعلى القَوْلين الأوَّلين ليست " حتى " في هذه الآيةِ للغاية بل هي التي يقعُ بعدها الجملُ وينصرف الكلام بعدها إلى الابتداء كـ " أمَّا " و " إذا " . ولا تَعَلُّق لقوله " حتى إذا " بما قبله بل هذا ابتداءُ خبرٍ ، أخبر عنهم ، كقوله : @ 2192ـ فيا عجبا حتى كليبٌ تَسُبُّني كأنَّ أباها نَهْشَلٌ أو مُجاشعُ @@ قلت : وهذا غير مَرْضيٍّ منه لمخالفته الجمهور . وقوله : " لا تعلُّق لها بما قبلها " ممنوعٌ على جميع الأقوال التي ذكرها ، ولولا خوفُ الإِطالة لأورَدْت ما تَوَهَّمَ كونَه مانعاً مِمَّا ذكر ، ولذكرْتُ الانفصال عنه ، والظاهر أنها إنما تتعلَّقُ بقوله { يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم } . وقوله : { يَتَوَفَّوْنَهُمْ } في محلِّ نصبٍ على الحال . وكُتِبت " أينما " متصلةً وحقُّها الانفصالُ ، لأنَّ " ما " موصولةٌ لا صلةٌ ، إذ التقدير : أين الذين تدعونهم ؟ ولذلك كُتِبَ { إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ } [ الأنعام : 134 ] منفصلاً و { إِنَّمَا ٱللَّهُ } [ النساء : 171 ] متصلاً . وقولهم : " ضلُّوا " جواب من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ، وذلك أن السؤالَ إنما وقع عن مكان الذين كانوا يَدْعونهم من دون الله ، فلو جاء الجوابُ على نسق السؤال لقيل : هم في المكان الفلاني ، وإنما المعنى : ما فَعَل معبودُكم ومَنْ كنتم تدعونهم ؟ فأجابوا بأنهم ضاعوا عنهم وغابوا . قوله : { وَشَهِدُواْ } يُحتمل أن يكونَ نَسَقاً على " قالوا " الذي وقع جواباً لسؤال الرسل فيكون داخلاً في الجواب أيضاً . ويحتمل أن يكون مستأنفاً مقتطعاً عَمَّا قبله ليس داخلاً في حيز الجواب . كذا قال الشيخ وفيه نظر ؛ من حيث إنه جَعَل هذه الجملة جواباً لعطفها على قالوا ، وقالوا في الحقيقة ليس هو الجواب ، إنما الجواب هو مقول هذا القول وهو " ضلُّوا عنا " فـ " ضَلُّوا عنا " هو الجوابُ الحقيقي الذي يُسْتفاد منه الكلام . ونظيره أن يقول : سَأَلْتُ زيداً ما فعل ؟ فقال : أطعمتُ وكسوتُ ، فنفس أطعمتُ وكسوتُ هو الجوابُ . وإذا تقرَّر هذا فكان ينبغي أن يقول " فيكون " معطوفاً على " ضلوا عنا " ، ثم لو قال كذلك لكان مُشْكلاً من جهة أخرى : وهو أنه كان يكون التركيبُ الكلامي : " ضلُّوا عنا وشهدنا على أنفسنا أنَّا كنَّا " ، إلا أَنْ يُقال : حكى الجواب الثاني على المعنى ، فهو محتملٌ على بُعْدٍ بعيد .