Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 50-50)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كَأَنَّهُمْ } هذه الجملةُ يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً من الضمير في الجارِّ ، وتكون بدلاً مِنْ " مُعْرِضِيْنَ " قاله أبو البقاء ، يعني أنَّها كالمشتملة عيلها ، وأنْ تكونَ حالاً من الضميرِ في " مُعْرِضِين " ، فتكونَ حالاً متداخلةً . وقرأ العامَّةُ " حُمُرٌ " بضمِّ الميم ، والأعمش بإسكانِها . وقرأ نافعٌ وابنُ عامر بفتح الفاء مِنْ " مُسْتَنْفَرة " على أنه اسمُ مفعولٍ ، أي : نَفَّرها القُنَّاص . والباقون بالكسرِ بمعنى : نافِرة : يُقال : استنفر ونَفَر بمعنى نحو : عَجِب واستعجب ، وسخِر واسْتَسْخر . قال الشاعر : @ 4398ـ أَمْسِكْ حِمارَكَ إنَّه مُسْتَنْفِرُ في إثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لغُرَّبِ @@ وقال الزمخشري : " كأنها تطلُبُ النِّفار مِنْ نفوسِها في جَمْعِها له وحَمْلِها عليه " انتهى . فأبقى السينَ على بابِها من الطَّلَبِ ، وهو معنى حسن . ورجَّحَ بعضُهم الكسرَ لقولِه " فَرَّتْ " للتناسُبِ . وحكى محمدُ ابنُ سَلاَّم قال : " سألتُ أبا سَوَّار الغَنَويَّ وكان عربياً فصيحاً ، فقلت : كأنهم / حُمُرٌ ماذا ؟ فقال : مُسْتَنْفَرَة طَرَدَها قَسْورة . فقلت : إنما هو { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } فقال : أفرَّتْ ؟ قلت : نعم . قال : " فمُسْتَنْفِرة إذن " انتهى . يعني أنها مع قولِه " طَرَدها " تُناسِبُ الفتحَ لأنَّها اسمُ مفعولٍ فلما أُخْبر بأنَّ التلاوةَ { فَرَّتْ مِن قسْورة } رَجَعَ إلى الكسرِ للتناسُبِ ، إلاَّ أنَ بمثلِ هذه الحكاية لا تُرَدُّ القراءةُ المتواترةُ . والقَسْوَرَةُ : قيل : الصائِدُ . وقيل : ظلمةُ الليل . وقيل : الأسد ، ومنه قولُ الشاعر : @ 4399ـ مُضَمَّرٌ تَحْذَرُه الأبطالُ كأنه القَسْوَرَةُ الرِّئْبالُ @@ أي : الأسد ، إلاَّ إنَّ ابن عباس أنكرَه ، وقال : لا أعرفُ القَسْوَرَةَ : الأسدَ في لغة العرب ، وإنما القَسْوَرَةُ : عَصَبُ الرجال ، وأنشد : @ 4400ـ يا بنتُ ، كثوني خَيْرَةً لخَيِّرَهْ أخوالُها الجِنُّ وأهلُ القَسْوَرَهْ @@ وقيل : هم الرُّماةُ ، وأنشدوا للبيد بن ربيعة : @ 4401ـ إذا ما هَتَفْنا هَتْفَةً في نَدِيِّنا أتانا الرجالُ العانِدون القساوِرُ @@ والجملةُ مِنْ قولِه " فَرَّتْ " يجوزُ أَنْ تكونَ صفةً لـ " حُمُر " مثلَ " مُسْتَنْفرة " ، وأنْ تكونَ حالاً ، قاله أبو البقاء .