Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 4-4)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { سَلاَسِلَ } : قرأ نافعٌ والكسائيُّ وهشام وأبو بكر بالتنوين ، والباقون بغيرِ تنوينٍ ، ووقَفَ هؤلاءِ وحمزةُ وقنبلٌ عليه بالألفِ بلا خلافٍ . وابنُ ذكوانَ والبزيُّ وحفصٌ بالألفِ وبدونِها ، فعَنْ ثلاثتِهم الخلافُ ، والباقون وقَفوا بدون ألفٍ بلا خلافٍ . فقد تَحَصَّل لك من هذا أن القُرَّاءَ على [ أربع ] مراتبَ : منهم مَنْ يُنَوِّنُ وصْلاً ، ويقفُ بالألفِ وَقْفاً بلا خلافٍ وهم نافعٌ والكسائيُّ وهشامٌ وأبو بكر ، ومنهم مِنْ لا يُنَوِّنُ ولا يأتي بالألفِ وقفاً بلا خلافٍ ، وهما حمزةُ وقنبلٌ ، ومنهم مَنْ لم يُنَوِّنْ ، ويقف بالألفِ بلا خلافٍ ، وهو أبو عمروٍ وحدَه ، ومنهم مَنْ لم يُنَوِّنْ ، ويقفُ بالألف تارةٍ وبدونِها أخرى ، وهم ابنُ ذكوانَ وحفصٌ والبزيُّ ، فهذا نهايةُ الضبطِ في ذلك . فأمَّا التنوينُ في " سلاسل " فذكَرُوا له أوجهاً منها : أنه قَصَد بذلك التناسُبَ ؛ لأنَّ ما قبلَه وما بعده منونٌ منصوبٌ . ومنها : أن الكسائيَّ وغيرَه مِنْ أهلِ الكوفةِ حَكَوا عن بعض العربِ أنهم يَصْرِفُون جميعَ ما لا ينصَرِفُ ، إلاَّ أفعلَ منك . قال الأخفش : " سَمِعْنا من العربِ مَنْ يَصْرِفُ كلَّ ما لا يَنْصَرِف ؛ لأنَّ الأصل في الأسماء الصرفُ ، وتُرِك الصرفُ لعارضٍ فيها ، وأنَّ الجمعَ قد جُمِع وإنْ كان قليلاً . قالوا : صواحِب وصواحبات . وفي الحديث : " إنكن لصَواحِبات يوسف " وقال الشعر : @ 4439ـ قد جَرَتِ الطيرُ أيامِنينا … @@ فجمع " أيامِن " جَمْعَ تصحيحِ المذكر . وأنشدوا : @ 4440ـ وإذا الرجالُ رأوا يزيدَ رأيتَهمْ خُضُعَ الرِّقابِ نواكِسي الأبصارِ @@ بكسرِ السينِ مِنْ نواكِس ، وبعدَها ياءٌ تَظهرُ خطاً لا لفظاً لذهابِها لالتقاءِ الساكنين ، والأصلُ : " نواكِسِين " فحُذِفَتِ النونُ للإِضافةِ ، والياءُ لالتقاءِ الساكَنيْن . وهذا على رواية كسرِ السينِ ، والأشهرُ فيها نصبُ السينِ فلمَّا جُمِع شابَهَ المفرداتِ فانصَرَفَ . ومنها أنه مرسومٌ في إمامِ الحجازِ والكوفةِ بالألفِ ، رواه أبو عبيدٍ ، ورواه قالون عن نافعٍ . وروى بعضُهم ذلك عن مصاحفِ البصرةِ أيضاً ، وقال الزمخِشريُّ : " وفيه وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ هذه النونُ بدلاً من حرفِ الإِطلاقِ ويَجْري الوصل مَجْرى الوقفِ . والثاني : أَنْ يكونَ صاحبُ هذه القراءةِ مِمَّنْ ضَرِيَ بروايةِ الشِّعْر ، ومَرَنَ لسانُه على صَرْفِ ما لا ينصرف " . قلت : وفي هذه العبارةِ فَظاظةٌ وغِلْظة ، لا سيما على مَشْيَخَةِ الإِسلام وأئمةِ العلماءِ الأعلامِ . ووَقَفَ هؤلاء بالألفِ ظاهراً . وأمَّا مَنْ لم يُنَوِّنْه / فظاهرٌ ؛ لأنَّه على صيغةِ منتهى الجموع . وقولهم : قد جُمِع ، نحو : صَواحبات وأيامِنين لا يَقْدَحُ ؛ لأنَّ المَحْذورَ جمعُ التكسيرِ ، وهذا جمعُ تصحيحٍ ، وعَدَمُ وقوفِهم بالألفِ واضحٌ أيضاً . وأمَّا مَنْ لم يُنَوِّنْ ووقفَ بالألفِ فإتْباعاً للرَّسمِ الكريمِ كما تقدَّمَ ، وأيضاً فإنَّ الرَّوْمَ في المفتوحِ لا يُجَوِّزُه القُرَّاءُ ، والقارىءُ قد يُبَيِّنُ الحركةَ في وَقْفِه فأَتَوْا بالألفِ لَتَتَبيَّنَ بها الفتحةُ . ورُوِيَ عن بعضٍ أنه يقول : " رَأَيْتُ عُمَرا " بالألف يعني عُمَرَ بن الخطاب . والسَّلاسِلُ : جمع سِلْسلة ، وقد تقدَّم الكلامُ فيها .