Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 101-101)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ } : خبر مقدم . و " منافقون " مبتدأ ، و " مَنْ " يجوز أن تكون الموصولةَ والموصوفة ، والظرف صلة أو صفة . وقوله : { مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } لبيان الجنس . وقوله : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } يجوز أن يكونَ نسقاً على " مَنْ " المجرورة بـ " مِنْ " فيكونَ المجروران مشتركَيْن في الإِخبارِ عن المبتدأ وهو " منافقون " ، كأنه قيل : المنافقون من قومٍ حولَكم ومِنْ أهل المدينة ، وعلى هذا هو من عطف المفردات إذ عَطَفَتْ خبراً على خبر ، وعلى هذا فيكون قوله " مَرَدُوا " مستأنفاً لا محلَّ له . ويجوز أن يكون الكلامُ تمَّ عند قوله " منافقون " ، ويكون قوله : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } خبراً مقدماً ، والمبتدأ بعده محذوفٌ قامت صفتُه مَقامه / وحَذْفُ الموصوفِ وإقامةُ صفتِه مُقامَه وهي جملة مطردُ مع " مِنْ " التبعيضية وقد مَرَّ تحريره نحو " منا ظَعَن ومنا أقام " والتقدير : ومن أهلِ المدينة قومٌ أو ناسٌ مردوا ، وعلى هذا فهو من عطفِ الجمل . ويجوز أن يكون " مَرَدُوا " على الوجه الأول صفةً لـ " مافقون " ، وقد فُصِل بينه وبين صفته بقوله : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } . والتقدير : وممَّن حولَكم ومِنْ أهلِ المدينة منافقون ماردون . قال ذلك الزجاج ، وتبعه الزمخشري وأبو البقاء أيضاً . واستبعده الشيخ للفصلِ بالمعطوف بين الصفة وموصوفها ، قال : " فيصير نظيرَ : " في الدار زيدٌ وفي القصرِ العاقلُ " يعني فَفَصَلْتَ بين زيد والعاقل بقولك : " وفي القصر " . وشبَّه الزمخشري حَذْفَ المبتدأ الموصوف في الوجه الثاني وإقامة صفته مُقامَه بقولِه : @ 2538 أنا ابنُ جلا … … @@ قال الشيخ : " إن عنىٰ في مطلق حذف الموصوف فَحَسَنٌ ، وإن كان شبَّهه به في خصوصيته فليس بحسنٍ ؛ لأن حَذْفِ الموصوف مع " مِنْ " مطردٌ ، وقوله : " أنا ابن جلا " ضرورة كقوله : @ 2539 يَرْمِي بكفَّيْ كان مِنْ أَرْمَى البشَرْ @@ قلت : البيتُ المشار إليه هو قوله : @ 2540 أنا ابن جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا متى أَضَعِ العِمامةَ تعرفونِي @@ وللنحاةِ في هذا البيت تأويلات ، أحدها : ما تقدم . والآخر : أن هذه الجملة محكية لأنها قد سُمِّي بها هذا الرجل ، فإنَّ " جلا " فيه ضمير فاعل ، ثم سُمِّيَ بها وحُكِيَتْ كما قالوا : " شاب قَرْناها " و " ذرَّىٰ حَبَّا " وقوله : @ 2541 نُبِّئْتُ أخوالي بني يزيدُ ظُلْماً علينا لهمُ فَدِيدُ @@ والثالث : وهو مذهب عيسى بن عمر أنه فعلٌ فارغ من الضمير ، وإنما لم يُنَوَّنْ لأنه عنده غيرُ منصرفٍ فإنه يُمْنع بوزن الفعل المشترك ، فلو سُمِّي بضرب وقتل مَنَعَهما . أمَّا مجردُ الوزنِ من غير نقلٍ مِنْ فعل فلا يُمنع به البتةَ نحو جَمَل وجَبَل . و " مَرَدوا " أي : مَهَروا وتمرَّنوا . وقد تقدم الكلام على هذه المادة في النساء عند قوله : { شَيْطَاناً مَّرِيداً } [ الآية : 117 ] . قوله : { لاَ تَعْلَمُهُمْ } هذه الجملةُ في محلِّ رفعٍ أيضاً صفة لـ " منافقون " ويجوز أن تكونَ مستأنفةً ، والعلم هنا يحتمل أن يكونَ على بابه فيتعدَّى لاثنين أي : لا نعلمهم منافقين ، فحذف الثاني للدلالة عليه بتقدُّم ذِكْرِ المنافقين ، ولأن النافقَ من صفات القلب لا يُطَّلع عليه . وأن تكون العِرْفانية فتتعدَّى لواحد ، قاله أبو البقاء . وأمَّا " نحن نعلمهم " فلا يجوز أن تكون إلا على بابها لبحثٍ ذكرتُه لك في الأنفال ، وإن كان الفارسيُّ في " إيضاحه " صرَّح بإسناد المعرفة إليه تعالىٰ ، وهو محذورٌ لِما عرفته . وقوله : { مَّرَّتَيْنِ } قد تقدَّم الكلام في نصب " مرة " وأنه من وجهين : إمَّا المصدريةِ وإمَّا الظرفيةِ فكذلك هذا . وهذه التثنية يحتمل أن يكون المرادُ بها شَفْعَ الواحد وعليه الأكثر ، واختلفوا في تفسيرهما ، وأن لا يراد بها التثنية الحقيقية بل يُراد بها التكثيرُ كقوله تعالىٰ : { فارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ } [ الملك : 4 ] أي : كَرَّاتٍ ، بدليل قوله : " ينقلبْ إليك البصرْ خاسئاً وهو حسير " أي مزدجراً وهو كليلٌ ، ولا يصيبُه ذلك " إلا بعد كَرَّات ، ومثلُه . لَبَّيْك وسَعْدَيْك وحنانَيْكَ . وروى عباس عن أبي عمرو : " سنعذِّبْهم " بسكون الباء وهو على عادته في تخفيفِ توالي الحركات كينصركم وبابه / وإن كان باب " ينصركم " أحسنَ تسكيناً لكونِ الراءِ حرفَ تكرار ، فكأنه توالي ضمَّتان بخلاف غيره . وقد تقدَّم تحريرُ هذا . وقال الشيخ : " وفي مصحفِ أنس : " سيعذبهم " بالياء " . وقد تقدم أن المصاحف كانت مهملةً من النَّقْط والضبط بالشكل فكيف يُقال هذا ؟