Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 3-3)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَذَانٌ } : رفع بالابتداء ، و " مِن الله " : إمَّا صفةُ أو متعلقٌ به . و إلى الناس " الخبر . ويجوز أن يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي : وهذا إعلامٌ ، والجارَّان متعلقان به كما تقدَّم في " براءة " . قال الشيخ : " ولا وجهَ لقولِ مَنْ قال إنه معطوف على " براءة " ، كما لا يُقال " عمرو " معطوف على " زيد " في " زيد قائم وعمرو قاعد " . وهو [ كما قال ] ، وهذه عبارة [ الزمخشري بعينها ] وقرأ الضحَّاك وعكرمة وأبو المتوكل : " وإذْن " بكسر الهمزةِ وسكونِ الذال . وقرأ العامَّةُ : " أنَّ الله " بفتح الهمزة على أحدِ وجهين : إمَّا كونِه خبراً لـ " أذان " أي : الإِعلامُ من الله براءتُه من المشركين وضعَّف الشيخُ هذا الوجهَ ولم يذكر تضعيفَه وإمَّا على حَذْفِ حرفِ الجر أي : بأن الله . ويتعلَّقُ هذا الجارُّ إمَّا بنفس المصدرِ ، وإمَّا بمحذوفٍ على أنه صفتُه . و " يومَ " منصوبٌ بما تعلَّق به الجارُّ في قوله : " إلى الناس " . وزعم بعضُهم أنه منصوبٌ بـ " أذانٌ " وهو فاسدٌ من وجهين : أحدهما : وصفُ المصدرِ قبل عمله . الثاني : الفَصْلُ بينه وبين معمولِه بأجنبيّ وهو الخبرُ . وقرأ الحسن والأعرج بكسر الهمزة ، وفيه المذهبان المشهوران : مذهبُ البصريين إضمارُ القول ، ومذهبُ الكوفيين إجراءُ / الأذانِ مُجْرىٰ القول . قوله : { مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } متعلقٌ بنفس " بريء " كما يقال : " بَرِئْتُ منه " ، وهذا بخلاف { بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 1 ] فإنها هناك تحتمل هذا ، وتحتمل أن تكونَ صفةً لـ " براءة " . قوله : { وَرَسُولِهِ } الجمهورُ على رَفْعِه ، وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ أي : ورسولُه بريءٌ منهم ، وإنما حُذِفَ للدلالةِ عليه . والثاني : أنه معطوفٌ على الضميرِ المستتر في الخبر ، وجاز ذلك للفصلِ المسوِّغ للعطف فرفعُه على هذا بالفاعلية . الثالث : أنه معطوفٌ على محل اسم " أنَّ " ، وهذا عند مَنْ يُجيز ذلك في المفتوحةِ قياساً على المكسورة . قال ابن عطية : " ومذهبُ الأستاذ يعني ابن الباذش على مقتضى كلامِ سيبويهِ أن لا موضعَ لِما دخلَتْ عليه " أنَّ " ؛ إذ هو مُعْرَبٌ قد ظهر فيه عملُ العامل ، وأنه لا فرقَ بين " أَنَّ " وبين " ليت " ، والإِجماعُ على أن لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه هذه " . قال الشيخ : " وفيه تعقُّبٌ ؛ لأن علةَ كونِ " أنَّ " لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه ليس ظهورَ عملِ العامل بدليل : " ليس زيد بقائم " و " ما في الدار مِنْ رجل " فإنه ظهر عملُ العامل ولهما موضع ، وقولُه : " بالإِجماع " يريد أن " ليت " لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه بالإِجماع ليس كذلك ؛ لأن الفراءَ خالَفَ ، وجعل حكمَ " ليت " وأخواتِها جميعِها حكمَ " إنَّ " بالكسر " . قلت : قوله : " بدليل ليس زيدٌ بقائم " إلى آخره قد يَظْهر الفرق بينهما فإن هذا العاملَ وإنْ ظهر عملُه فهو في حكمِ المعدوم ؛ إذ هو زائد فلذلك اعتبرنا الموضعَ معه بخلاف " أنَّ " بالفتح فإنه عاملٌ غيرُ زائد ، وكان ينبغي أن يُرَدَّ عليه قولُه : " وأن لا فرقَ بين " أنَّ " وبين " ليت " ، فإنَّ الفرقَ قائمٌ ، وذلك أن حكمَ الابتداء قد انتسخ مع ليت ولعل وكأن لفظاً ومعنىً بخلافه مع إنَّ وأنَّ فإن معناه معهما باقٍ . وقرأ عيسى بن عمر وزيد بن علي وابن أبي إسحاق " ورسولَه " بالنصب . وفيه وجهان ، أظهرُهما : أنه عطفٌ على لفظ الجلالة . والثاني : أنه مفعولٌ معه ، قاله الزمخشري . وقرأ الحسن " ورسولِه " بالجر وفيها وجهان ، أحدهما : أنه مقسمٌ به أي : ورسولِه إن الأمر كذلك ، وحُذِفَ جوابُه لفهم المعنىٰ . والثاني : أنه على الجِوار ، كما أنهم نَعَتوا وأكَّدوا على الجِوار ، وقد تقدَّم تحقيقُه . وهذه القراءةُ يَبْعُد صحتُها عن الحسن للإِبهام ، حتى يحكى أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ " ورسولِه " بالجر . فقال الأعرابي : إن كان الله قد بَرِىء مِنْ رسوله فأنا بريء منه ، فَلَبَّبه القارىء إلى عمر رضي الله عنه ، فحكى الأعرابيُّ الواقعةَ ، فحينئذ أَمَرَ عمرُ بتعليم العربية . ويُحكى أيضاً هذه عن أمير المؤمنين عليّ وأبي الأسود الدؤلي . قال أبو البقاء : " ولا يكون عطفاً على المشركين لأنه يؤدي إلى الكفر " . وهذا من الوضحات .