Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 100, Ayat: 1-11)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغَة : { ضَبْحاً } الضبح : صوت أنفاس الخيل إِذا عدت قال عنترة : والخيلُ تكدح حين تضبح في حياض الموت ضبحاً { أَثَرْنَ } هيَّجن { نَقْعاً } النقعُ : الغبار { كَنُودٌ } كفور جحود لنعمة الله من كند النعمة إِذا كفرها ولم يشكرها قال الشاعر : @ كنودٌ لنعماء الرجال ومن يكن كنوداً لنعماء الرجالِ يبعَّد @@ { بُعْثِرَ } أثير وقلب من بعثرت المتاع إِذا جعلت أسفله أعلاه . التفسِير : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } أي أُقسمُ بخيل المجاهدين المسرعات في الكرّ على العدو ، يُسمع لأنفاسها صوتٌ جهير هو الضبحُ قال ابن عباس : الخيل إِذا عدت قالت : أُحْ ، أُحْ فذلك ضبحها قال أبو السعود : أقسم سبحانه بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدو وتضبح ضبحاً وهو صوت أنفاسها عند عدوها { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } أي فالخيل التي تخرج شرر النار من الأرض بوقع حوافرها على الحجارة من شدة الجري { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } أي فالخيل التي تغير على العدو وقت الصباح قبل طلوع الشمس قال الألوسي : هذا هو المعتادُ في الغارات ، كانوا يعدون ليلاً لئلا يشعر بهم العدو ، ويهجمون صباحاً ليروا ما يأتون وما يذرون { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } أي فأثارت الخيل الغبار الكثيف لشدة العدو ، في الموضع الذي أغرن به { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } أي فتوسطن به جموع الأعداء ، وأصبحن وسط المعركة … أقسم سبحانه وتعالى بأقسام ثلاثة على أمور ثلاثة ، تعظيماً للمقسم به وهو خيل المجاهدين في سبيل الله ، التي تسرع على أعداء الله ، وتقدح النار بحوافرها ، وتُغير على الأعداء وقت الصباح ، فتثير الغبار ، وتتوسط العدو فتصيبه بالرعب والفزع ، أما الأمور التي أقسم عليها فهي قوله { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } أي إِن الإِنسان لجاحد لنعم ربه ، شديد الكفران قال ابن عباس : جاحدٌ لنعم الله وقال الحسن : يذكر المصائب وينسى النعم { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } أي وإِن الإِنسان لشاهد على كنوده ، لا يقدر أن يجحده لظهور أثره عليه { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } أي وإِنه لشديد الحب للمال حريصٌ على جمعه ، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه ضعيفٌ متقاعس … ثم بعد أن عدَّد عليه قبائح أفعاله خوَّفه فقال { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } أفلا يعلم هذا الجاهل إِذا أُثير ما في القبور وأُخرج ما فيها من الأموات { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } أي وجمع وأبرز ما في الصدور من الأسرار والخفايا التي كانوا يسرونها { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } إي إنَّ ربهم لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ، ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ، وإِنما خص علمه بهم في ذلك اليوم - يوم القيامة - لأنه يوم الجزاء ، بقصد الوعيد والتهديد ، فهو تعالى عالم بهم في ذلك اليوم وغيره . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - التأكيد بإِنَّ واللام في مواضع مثل { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } زيادة في التقرير والبيان . 2 - الجناس غير التام بين { لَشَهِيدٌ } و { لَشَدِيدٌ } وكذلك { ضَبْحاً } و { صُبْحاً } . 3 - الاستفهام الإِنكاري للتهديد والوعيد { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } ؟ 4 - التضمين { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } ضمَّن لفظ { لَّخَبِيرٌ } معنى المجازاة أي يجازيهم على أعمالهم . 5 - توافق الفواصل مثل { شَهِيدٌ } ، { شَدِيدٌ } و { ٱلصُّدُورِ } ، { ٱلْقُبُورِ } الخ . ويسمى " السجع المرصَّع " وهو من المحسنات البديعية .