Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 103, Ayat: 1-3)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
التفسِير : { وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } أي أُقسمُ بالدهر والزمان لما فيه من أصناف الغرائب والعجائب ، والعبر والعظات ، على أن الإِنسان في خسران ، لأنه يفضِّل العاجلة على الآجلة وتغلب عليه الأهواء والشهوات قال ابن عباس : العصر هو الدهر أقسم تعالى به لاشتماله على أصناف العجائب وقال قتادة : العصرُ هو آخر ساعات النهار ، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة الباهرة ، والعظة البالغة … وإِنما أقسم تعالى بالزمان لأنه رأس عمر الإِنسان ، فكل لحظةٍ تمضي فإِنها من عمرك ونقص من أجلك ، كما قال القائل : @ إِنا لنفرحُ بالأيام نقطعها وكلُّ يومٍ مضى نقصٌ من الأجل @@ قال القرطبي : أقسم الله عز وجل بالعصر - وهو الدهر - لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها ، وما فيها من الدلالة على الصانع ، وقيل : هو قسمٌ بصلاة العصر لأنها أفضل الصلوات { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي جمعوا بين الإِيمان وصالح الأعمال ، فهؤلاء هم الفائزون لأنهم باعوا الخسيس بالنفيس ، واستبدلوا الباقيات الصالحات عوضاً عن الشهوات العاجلات { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } أي أوصى بعضهم بعضاً بالحق ، وهو الخير كله ، من الإِيمان ، والتصديق ، وعبادة الرحمن { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } أي وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب ، وعلى فعل الطاعات ، وترك المحرمات … حكم تعالى بالخسار على جميع الناس إِلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة وهي : الإِيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق ، والتواصي بالصبر ، فإِن نجاة الإِنسان لا تكون إِلا إِذا كمَّل الإِنسان نفسه بالإِيمان والعمل الصالح ، وكمَّل غيره بالنصح والإِرشاد ، فيكون قد جمع بين حق الله ، وحق العباد ، وهذا هو السرُّ في تخصيص هذه الأمور الأربعة . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - إِطلاق البعض وإِرادة الكل { إِنَّ ٱلإِنسَانَ } أي الناس بدليل الاستثناء . 2 - التنكير للتعظيم { لَفِى خُسْرٍ } أي في خسرٍ عظيم ودمار شديد . 3 - الإِطناب بتكرار الفعل { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } لإِبراز كمال العناية به . 4 - ذكر الخاص بعد العام { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } بعد قوله { بِٱلْحَقِّ } فإِن الصبر داخل في عموم الحق ، إِلا أنه أفرده بالذكر إِشادة بفضيلة الصبر . 5 - السجع غير المتكلف مثل { ٱلْعَصْرِ } ، { ٱلصَّبْرِ } ، { خُسْرٍ } وهو من المحسنات البديعية . تنبيه : أخرج البيهقي في الشعب عن " أبي حذيفة " - وكانت له صحبة - قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة { وَٱلْعَصْرِ } ثم يسلم أحدهما على الآخر .