Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللغَة : { هُمَزَةٍ } الهمَّاز : الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم ، وبناء " فُعلة " يدل على الاعتياد فلا يقال : لُعنة وضُحكة إِلا للمكثر المعتاد { لُّمَزَةٍ } اللماز : الذي يعيب الناس وينال منهم بالحاجب والعين { ٱلْحُطَمَةُ } نار جهنم سميت بذلك لأنها تكسر كل ما يُلقى فيها وتحطمه وتهشمه { مُّؤْصَدَةٌ } مطبقة مغلقة من أوصد الباب إِذا أغلقه . التفسِير : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } أي عذاب شديد وهلاك ودمار ، لكل من يعيب الناس ويغتابهم ويطعن في أعراضهم ، أو يلمزهم سراً بعينه أو حاجبه قال المفسرون : نزلت السورة في " الأخنس بن شريق " لأنه كان كثير الوقيعة في الناس ، يلمزهم ويعيبهم مقبلين ومدبرين ، والحكم عامٌ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } أي الذي جمع مالاً كثيراً وأحصاه ، وحافظ على عدده لئلا ينقص فمنعه من الخيرات قال الطبري : أي أحصى عدده ولم ينفقه في سبيل الله ولم يؤد حقَّ الله فيه ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أي يظن هذا الجاهل لفرط غفلته أن ماله سيتركه مخلداً في الدنيا لا يموت { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } أي ليرتدع عن هذا الظنّ فواللهِ ليطرحنَّ في النار التي تحطم كل ما يُلقى فيها وتلتهمه { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } تفخيمٌ وتهويلٌ لشأنها أي وما الذي أعلمك ما حقيقة هذه النار العظيمة ؟ إِنها الحطمة التي تحطم العظام وتأكل اللحوم ، حتى تهجم على القلوب ، ثم فسرها بقوله { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } أي هي نار الله المسعَّرة بأمره تعالى وإِرادته ، ليست كسائر النيران فإِنها لا تخمد أبداً ، وفي الحديث " أُوقد على النار ألفُ سنة حتى احمرت ، ثم أُوقد عليها ألف سنة حتى ابيضَّت ، ثم أُوقد عليها ألفُ سنة حتى اسودَّت ، فهي سوداء مظلمة " { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } أي التي يبلغ ألمها ووجعها إلى القلوب فتحرقها قال القرطبي : وخصَّ الأفئدة لأن الألم إِذا صار إِلى الفؤاد مات صاحبه ، فإِنهم في حال من يموت وهم لا يموتون كما قال تعالى { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } [ الأعلى : 13 ] فهم إِذاً أحياء في معنى الأموات { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } أي إِن جهنم مطبقة مغلقةٌ عليهم ، لا يدخل إِليهم روح ولا ريحان { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } أي وهم موثوقون في سلاسل وأغلال ، تشدُّ بها أيديهم وأرجلهم ، بعد إِطباق أبواب جهنم عليهم ، فقد يئسوا من الخروج بإِطباق الأبواب عليهم ، وتمدد العمد إِيذاناً بالخلود إِلى غير نهاية … البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - صيغة المبالغة { هُمَزَةٍ } ، و { لُّمَزَةٍ } لأن بناء " فُعلة " يدل على أنها عادة مستمرة . 2 - التنكير للتفخيم { جَمَعَ مَالاً } أي مالاً كثيراً لا يكاد يحصى . 3 - التفخيم والتهويل { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } ؟ تهويلاً لشأن جهنم . 4 - الجناس غير التام بين { هُمَزَةٍ } و { لُّمَزَةٍ } ويسمى الجناس الناقص . 5 - توافق الفواصل مثل { عَدَّدَهُ } ، { أَخْلَدَهُ } ، { ٱلْمُوقَدَةُ } ، { مُّمَدَّدَةِ } ويسمى بالسجع .