Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 105, Ayat: 1-5)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللغَة : { أَبَابِيلَ } جماعات جماعات بعضها في إِثر بعض قال الجوهري : وهو من الجمع الذي لا واحد له يقال : جاءت إِبلك أبابيل أي فرقاً وجماعات قال الشاعر : @ كادتْ تهدُّ من الأصوات راحلتي إِذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل @@ { سِجِّيلٍ } طين متحجر { عَصْفٍ } ورق الزرع بعد الحصاد كالتبن وقشر الحنطة ، سمي عصفاً لأن الريح تعصف به فتفرقه ذات اليمين وذات الشمال . التفسِير : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } أي ألم يبلغك يا محمد وتعلم علماً يقينياً كأنه مشاهد بالعين ، ماذا صنع الله العظيم الكبير بأصحاب الفيل الذين قصدوا الاعتداء على البيت الحرام ؟ قال المفسرون : روي أن " أبرهة الأشرم " ملك اليمن ، بنى كنيسةً بصنعاء وأراد أن يصرف إِليها الحجيج ، فجاء رجلٌ من كنانة وتغوَّط فيها ليلاً ولطخ جدرانها بالنجاسة احتقاراً لها ، فغضب " أبرهة " وحلف أن يهدم الكعبة ، وجاء مكة بجيش كبير على أفيال ، يتقدمهم فيل هو أعظم الفيلة ، فلما وصل قريباً من مكة فرَّ أهلها الى الجبال ، خوفاً من جنده وجبروته ، وأرسل الله تعالى على جيش أبرهة طيوراً سوداً ، مع كل طائر ثلاثة أحجار ، حجر في منقاره وحجران في رجليه ، فرمتهم الطيور بالحجارة ، فكان الحجر يدخل في رأس الرجل ويخرج من دبره فيرميه جثة هامدة ، حتى أهلكهم الله ودمَّرهم عن آخرهم ، وكانت قصتهم عبرة للمعتبرين قال أبو السعود : وتعليقُ الرؤية بكيفية فعله جل وعلا { كَيْفَ فَعَلَ } لا بنفسه بأن يقال : " ألم تر ما فعل ربك " الخ لتهويل الحادثة ، والإِيذان بوقوعها على كيفية هائلة ، وهيئةٍ عجيبة دالة على عظم قدرة الله تعالى ، وكمال علمه وحكمته وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم فإِن ذلك من الإِرهاصات لما روي أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي عليه الصلاة والسلام { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } أي ألم يهلكهم ويجعل مكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة في ضياعٍ وخسار ؟ ! { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } أي وسلَّط عليهم من جنوده طيراً أتتهم جماعات ، متتابعة بعضها في إِثر بعض ، وأحاطت بهم من كل ناحية { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } أي تقذفهم بحجارة صغيرة من طين متحجر ، كأنها رصاصات ثاقبة لا تصل إلى أحدٍ إِلا قتلته { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ } أي فجعلهم كورق الشجر الذي عصفت به الريح ، وأكلته الدواب ثم راثته ، فأهلكهم عن بكْرة أبيهم ، وهذه القصة تدل على كرامة الله للكعبة ، وإِنعامه على قريش بدفع العدو عنهم ، فكان يجب عليهم أن يعبدوا لله ويشكروه على نعمائه ، وفيها مع ذلك عجائب وغرائب من قدرة الله على الانتقام من أعدائه قال في البحر : كان صرف ذلك العدو العظيم عام مولده السعيد عليه السلام ، إرهاصاً بنبوته إِذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول ، من خوارق العادات والمعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء عليهم السلام ، وقد أهلكهم الله تعالى بأضعف جنوده وهي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - الاستفهام للتقرير والتعجيب { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ … } الآية . 2 - الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بإِضافته إِلى اسم الجلالة { فَعَلَ رَبُّكَ } تشريف للنبي العظيم ، وإِشادةٌ بقدرة الله تعالى . 3 - التشبيه المرسل المجمل { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ } ذكرت الأداة وحذف وجه الشبه . 4 - توافق الفواصل في الحرف الأخير مثل { ٱلْفِيلِ } ، { تَضْلِيلٍ } ، { سِجِّيلٍ } ، { أَبَابِيلَ } الخ .