Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 107, Ayat: 1-7)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللغَة : { يَدُعُّ } يدفع بعنفٍ وشدة يقال : دعَّه دعّاً أي دفعه دفعاً ومنه { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] { يَحُضُّ } الحضُّ : الحثُّ والترغيب { سَاهُونَ } جمع ساهي يقال : سها عن كذا يسهو سهواً إِذا تركه عن غفلة { ٱلْمَاعُونَ } الشيء القليل من المعن وهو القلة تقول العرب : " ماله معنة ولا سعنة " أي ماله قليل ولا كثير من المال ، قال المبرّد والزجاج : الماعون كل ما فيه منفعة كالفأس والقدر والدلو وغير ذلك . التفسِير : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } ؟ استفهام للتعجيب والتشويق أي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء والحساب في الآخرة ؟ هل عرفت من هو ، وما هي أوصافه ؟ إِن أردت تعرفه { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } أي فذلك هو الذي يدفع اليتيم دفعاً عنيفاً بجفوة وغلظة ، ويقهره ويظلمه ولا يعطيه حقه { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي ولا يحث على إِطعام المسكين قال أبو حيان : وفي قوله { وَلاَ يَحُضُّ } إِشارة إِلى أنه هو لا يُطعم إِذا قدر ، وهذا من باب الأولى لأنه إِذا لم يحضَّ غيره بخلاً ، فلأن يترك هو ذلك فعلاً أولى وأحرى وقال الرازي : فإِن قيل : لِم قال { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } ولم يقل : ولا يُطعم المسكين ؟ فالجواب أنه إِذا منَع اليتيم حقه ، فكيف يطعم المسكين من مال نفسه ؟ بل هو بخيل من مال غيره ، وهذا هو النهاية في الخسة ، ويدل على نهاية بخله ، وقساوة قلبه ، وخساسة طبعه ، والحاصل أنه لا يُطعم المسكين ولا يأمر بإِطعامه ، لأنه يكذّب بالقيامة ، ولو آمن بالجزاء وأيقن بالحساب لما صدر عنه ذلك { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } أي هلاكٌ وعذابٌ للمصلين المنافقين ، المتصفين بهذه الأوصاف القبيحة { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } أي الذين هم غافلون عن صلاتهم ، يؤخرونها عن أوقاتها تهاوناً بها قال ابن عباس : هو المصلي الذي إِن صلى لم يرج لها ثواباً ، وإِن تركها لم يخش عليها عقاباً وقال أبو العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها ، وقد " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية فقال : " هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " قال المفسرون : لمَّا قال تعالى { عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } بلفظة { عَن } عُلم أنها في المنافقين ، ولهذا قال بعض السلف : الحمد لله الذي قال { عَن صَلاَتِهِمْ } ولم يقل " في صلاتهم " لأنه لو قال " في صلاتهم " لكانت في المؤمنين ، والمؤمنُ قد يسهو في صلاته ، والفرق بين السهوين واضح ، فإِن سهو المنافق سهو تركٍ وقلة التفات إِليها ، فهو لا يتذكرها ويكون مشغولاً عنها ، والمؤمن إِذا سها في صلاته تداركه في الحال وجبره بسجود السهو ، فظهر الفارق بين السهوين ، ثم زاد في بيان أوصافهم الذميمة فقال { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } أي يصلون أمام الناس رياءً ليقال إِنهم صلحاء ، ويتخشعون ليقال إِنهم أتقياء ، ويتصدقون ليقال إنهم كرماء ، وهكذا سائر أعمالهم للشهرة والرياء { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } أي ويمنعون الناس المنافع اليسيرة ، من كل ما يستعان به كالإِبرة ، والفأس ، والقدر ، والملح ، والماء وغيرها قال مجاهد : الماعون العارية للأمتعة وما يتعاطاه الناس بينهم كالفأس والدلو والآنية وقال الطبري : أي يمنعون الناس منافع ما عندهم ، وأصل الماعون من كل شيء منفعته . . وفي الآية زجر عن البخل بهذه الأشياء القليلة الحقيرة ، فإِن البخل بها نهاية البخل وهو مخل بالمروءة . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - الاستفهام الذي يراد به تشويق السامع إلى الخبر والتعجيب منه { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } ؟ 2 - الإِيجاز بالحذف { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } حذف منه الشرط أي إِن أردت أن تعرفه فذلك الذي يدعُّ اليتيم ، وهذا من أساليب البلاغة . 3 - الذم والتوبيخ { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } ووضع الظاهر مكان الضمير { فَوَيْلٌ لَّهُمْ } زيادة في التقبيح لأنهم مع التكذيب ساهون عن الصلاة . 4 - الجناس الناقص { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } . 5 - توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات مثل { سَاهُونَ } ، { يُرَآءُونَ } ، { ٱلْمَاعُونَ } الخ .