Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 110, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

التفسِير : { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يذكّره ربه بالنعمة والفضل عليه وعلى سائر المؤمنين ، والمعنى : إِذا نصرك الله يا محمد على أعدائك ، وفتح عليك مكة أم القرى قال المفسرون : الإِخبارُ بفتح مكة قبل وقوعه إِخبارٌ بالغيب ، فهو من أعلام النبوَّة { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } أي ورأيت العرب يدخلون في الإِسلام جماعاتٍ جماعات من غير حربٍ ولا قتال ، وذلك بعد فتح مكة صارت العرب تأتي من أقطار الأرض طائعة قال ابن كثير : إِنَّ أحياء العرب كانت تنتظر فتح مكة ، يقولون : إن ظهر على قومه فهو نبيٌّ ، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجاً فلم تمض سنتان حتى استوثقت جزيرة العرب إِيماناً ، ولم يبق في سائر قبائل العرب إِلا مظهرٌ للإِسلام { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي فسبّح ربك وعظمه ملتبساً بحمده على هذه النعم ، واشكره على ما أولاك من النصر على الأعداء ، وفتح البلاد ، وإِسلام العباد { وَٱسْتَغْفِرْهُ } أي اطلب منه المغفرة لك ولأُمتك { إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } أي إِنه جلّ وعلا كثير التوبة ، عظيم الرحمة لعباده المؤمنين . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - ذكر الخاص بعد العام { نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } نصر الله يشمل جميع الفتوحات فعطف عليه ( فتح مكة ) تعظيماً لشأن هذا الفتح واعتناءً بأمره . 2 - إِطلاق العموم وإِرادة الخصوص { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ } لفظ الناس عام والمراد به العرب . 3 - دين الله هو الإِسلام { يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ } وأضافه اليه تشريفاً وتعظيماً ، كبيت الله وناقة الله . 4 - صيغة المبالغة { إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } لأن صيغة " فعال " للمبالغة . تنبيه : هذه السورة الكريمة فيها نعيُ النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا تسمى سورة ( التوديع ) وحين نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ما أراه إِلا حضور أجلي ، وقال ابن عمر : نزلت هذه السورة بمنى في حجة الوداع ، ثم نزلت { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ المائدة : 3 ] الآية فعاش بعدهما النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين يوماً . وروى الإِمام البخاري عن ابن عباس قال : " كان عمر يدْخلني مع أشياخ بدر ، فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال : لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إِنه من علمتم ! ! فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم - قال فما رأيت أنه دعاني إِلا ليريهم - فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } ؟ فقال بعضهم : أُمرنا بأن نحمد الله ونستغفره إِذا نصرنا وفتح علينا ، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً ، فقال لي : أكذا تقول يا ابن عباس ؟ قلت : لا قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إِياه فقال { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } فذلك علامة أجلك { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } فقال عمر : والله ما أعلم منها إِلا ما تقول " .