Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 113, Ayat: 1-5)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغَة : { ٱلْفَلَقِ } الفَلَق : الصبح تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح ، والفِلْق بالكسر الداهية والأمر العجب ، وأصله من فلقتُ الشيء أي شققته ، فكل ما انفلق من شيء من حيوان ، وحب ، ونوى فهو فلق ، ومنه " فالق الإِصباح " قال ذو الرمة : " حتى إِذا ما انجلى عن وجهه فلق " أي انجلى الصبح عن وجهه { غَاسِقٍ } الغاسق : الليل إِذا اشتد ظلامه ، والغسق أول ظلمة غسق الليل يقال : غسق الليل أي أظلم قال الشاعر : @ إِنَّ هذا الليل قد غسقا واشتكيتُ الهمَّ والأرقا @@ { وَقَبَ } دخل بظلامه ، والوقوب : الدخول { ٱلنَّفَّاثَاتِ } النفث : شبه النفخ دون تفلٍ بالريق ، فإِذا كان معه ريق فهو التفل قال عنترة : @ فإِنْ يبرأ فلم أنفث عليه وإِن يُفْقد فحُقَّ له الفُقود @@ التفسِير : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } أي قل يا محمد ألتجىء وأعتصم برب الصبح الذي ينفلق عنه الليل ، وينجلي عنه الظلام قال ابن عباس : { ٱلْفَلَقِ } الصبحُ كقوله تعالى { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } [ الأنعام : 96 ] وفي أمثال العرب : هو أبينُ من فلق الصبح قال المفسرون : سبب تخصيص الصبح بالتعوذ أن انبثاق نور الصبح بعد شدة الظلمة ، كالمثل لمجيء الفرج بعد الشدة ، فكما أن الإِنسان يكون منتظراً لطلوع الصباح ، فكذلك الخائف يترقب مجيء النجاح { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } أي من شر جميع المخلوقات من الإِنس ، والجن ، والدواب ، والهوام ، ومن شر كل مؤذٍ خلقه الله تعالى { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي ومن شر الليل إِذا أظلم واشتد ظلامه ، فإِن ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإِنس والجن ولهذا قالوا في المثل " الليلُ أخفى للويل " قال الرازي : وإِنما أُمر أن يتعوذ من شر الليل ، لأن في الليل تخرج السباع من آجامها ، والهوام من مكانها ، ويهجم السارقُ والمكابر ، ويقع الحريق ، ويقل فيه الغوث { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } أي ومن شر السواحر اللواتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن - أي ينفخن - فيها ليضروا عباد الله بسحرهن ، ويفرقوا بين الرجل وزوجه { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 102 ] قال في البحر : وسبب نزول المعوذتين قصة " لبيد بن الأعصم " الذي سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشطٍ ومشاطة وجف - قشر الطلع - طلعةٍ ذكر ، ووترٍ معقود فيه إِحدى عشرة عقدة ، مغروزٍ بالإِبر ، فأنزلت عليه المعوذتان ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد في نفسه خفه صلى الله عليه وسلم حتى انحلت العقدة الأخيرة فقام فكأنما نشط من عقال { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } أي ومن شر الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن غيره ، ولا يرضى بما قسمه الله تعالى له . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي : 1 - الجناس الناقص بين { فَلَقِ } و { خَلَقَ } . 2 - الإِطناب بتكرار الاسم { شَرِّ } مراتٍ في السورة { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ } { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ } الخ تنبيهاً على شناعة هذه الأوصاف . 3 - ذكر الخاص بعد العام للاعتناء بالذكور { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } فإِنه عموم يدخل تحته شر الغاسق ، وشر النفاثات ، وشر الحاسد . 4 - جناس الاشتقاق بين { حَاسِدٍ } و { حَسَدَ } . 5 - توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات .